الاثنين، 23 يونيو 2014

أهم المسميات التصنيفية المعتبرة في الكيان الكلي لقبيلة شمر :

أهم المسميات التصنيفية المعتبرة في الكيان الكلي لقبيلة شمر :

بعد ذكر اسم الله ، الحمد لله الذي خلقنا من ذكر وأنثى وجعلنا شعوبا وقبائل لنتعارف ونتواصل (لا فرق لعربي على أعجمي إلا بالتقوى) والصلاة والسلام على رسولنا الهادي الذي قال : تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ، وبعد:

فإنني أود أولا ، لفت النظر إلى أن ما نورده هنا ليس قرآنا منزلا ، وإنما هو مجرد اجتهاد فردي ، أخذا بالمتواتر والمتعارف عليه ، بعيدا عن الأقوال الشاذة والمتطرفة والمتحيزة .

وبداية أقول :بأن (قبيلة شمر) إنما هي تلك القبيلة العربية المعروفة كيانا شامخا بالمنعة والصولة والجولة والمجد والشرف ، والمعروف أبنائها بالنبل والشهامة والغيرية والكرم والشجاعة والنخوة والفزعة والجيرة والخوة والوفاء بالعهد ...وبكل مكارم الأخلاق الحاتمية المصقولة بالإسلام .. والتي عبر تاريخها المجيد قد عكست وحدة تحالفية اندماجية رائعة ، كقبيلة واحدة متلاحمة ، ومدعومة بتكريسها كانتمائين متكاملين هما : الانتماء (السكاني / القبلي) وكذلك الانتماء (المكاني / الوطني) أي بالانتماء والولاء لكل من (قبيلة شمر) و ل (ديار شمر) في آن معا . وقد كان الدارج في تسميتها (قبيلة شمر) أي بالمفرد ، وذلك بخلاف بعض القبائل التي درج إطلاق لفظ الجمع عليها مثل (قبائل عنزة) و(قبائل قحطان) وغيرها ، هذا مع أنها (شمر) في الأصل عبارة عن لفيف أقوام متحالفة ، ومتباينة الأصول ، من (طيء) وحلفائها ، كما أنها وعبر عصور طويلة ، قد تعرضت كغيرها من القبائل إلى العديد من التطورات والانقسامات والهجرات المتعددة الأنماط والمتباينة الأسباب والأسس .

وحول أبرز التقسيمات التصنيفية ، ضمن كيان (قبيلة شمر) والتي يمكننا من خلالها الإجابة على ذلك التساؤل العريض الذي يطرحه البعض حول : هل نحن أمام قبيلة شمَر(الواحدة) ؟ أم قبيلتي شمر (الشمرين) ؟ أم أكثر (قبائل) ؟ فإننا سوف نتناول هنا ، بداية تكوين (قبيلة شمر) ومن ثم نتتبع تطورها وتقسيماتها اللاحقة حتى يومنا هذا ، مع إلقاء نظرة مستقبلية متفائلة ، في استشراف شأن هذه القبيلة الأسطورة في تراثها وأمجادها المأثورة ، وذلك باختصار شديد ، كما في الفقرات التالية :

أولا : شمر حلفا عسكريا اندماجيا (شمر غلبا) :
بالنظر إلى الأصول القبلية فلم تكن هذه القبيلة يوما ما وحدة واحدة ، ذلك لكونها في الأساس ليست قبيلة دموية متشعبة عن أصل واحد وإنما ذات أصول مختلفة ، ولكنها دخلت يوما من الأيام ، في تحالف اتحادي تحت لواء (سلم شمر) العرفي الذي قامت عليه تلك القبيلة الواحدة (شمر) المتحالفة عرفيا ، والمندمجة مكانيا وقيادة وولاء ، ولواء وعزوة (غلبا) ذلك مع أنها في الأصل عبارة عن لفيف أقوام متباينة الأصول ، من طيء وحلفائها ، حيث قد أجملها المؤرخون في مكونين أساسيين يمثلان جناحي ذلك التحالف ، وهما :

المكون الأول : (شمر /الطائية /النجدية)
 وتتمثل في لفيف فروع (شمر /الطائية /النجدية) وأحلافها وهو يتمحور حول (أهل الرئاسة والسيادة والشرف) من أحفاد ذلك الزعيم الطائي القاضي الشهير قبل الإسلام (قيس بن شمر) والذي ينسب إليه (سلم شمر) وهؤلاء عبارة عن فرعيين من القيسيين هما :
1-  الفرع الأول ويتمحور حول (أهل الزعامة) في الرياسة والسيادة وأصحاب (المقلدات بالعرف) بين العرب ، ومن بينهم ذلك القاضي المشهور والزعيم الطائي الذي رفع (لواء شمر) في ذلك (التحالف الخالد) أمام بقية فروع القبيلة الأم (طيء) عندما تنازعت على السيادة في (بلاد طيْ) وقد أطلق على هؤلاء لاحقا بطن أو عشيرة (آل أسلم / شمر / الطائية). 

2- الفرع الثاني ويتمحور حول (مصابيح الظلام) من (أشراف طيء) و(أهل الفضل) الذين يتمتعون بمكارم الأخلاق والقدوة الأصيلة الفاضلة والمكانة العالية ، ولهم المشورة والقول النافذ ، لاسيما عند اختلاف الرأي ، وهكذا نجد فيهم الكثير ممن يسمون بالآباء والكبراء في (طيء وشمر) وقد أطلق على هؤلاء لاحقا بطن أو عشيرة (زربع / شمر / الطائية).  .

المكون الثاني : (شمر / القحطانية / اليمانية)
و وهو يتمثل في لفيف فروع (شمر / القحطانية / اليمانية) وأحلافها ، ونجده يتمحور حول (أهل الفراسة والقيادة والريادة) وغالبيتهم من (مذحج) وأبرزهم (ضياغم شمر) الذين قد وفدوا من (اليمن) إلى (جبال طيء) في وقت متأخر ، ربما إبان هجرة (بني هلال) ولكونهم من (عبيدة قحطان) وحيث كانت (طيء) حينها هي القبيلة (القحطانية) الوحيدة في (نجد) فقد رحبوا بمقدمهم وأكرموا نزلهم .. وقد أطلق على هؤلاء لاحقا بطن أو عشيرة (عبدة / شمر / القحطانية).  .


وهكذا فقد جاءت (قبيلة شمر) بمكونيها (الطائية ـ القحطانية) المتحالفتين تحت لواء (سلم شمر) الذي رفعه باسم (شمر) ذلك الزعيم الطائي والقاضي المشهور الشيخ / عيسى بن أجود الطائي ، وذلك أمام عدة تحالفات طائية متصارعة على السيادة في (بلاد طيء) و(شمالي نجد) وحيث قد انتهت حروب السيادة الطائية بانتصار (حلف شمر) وعزوتها (غلبا) وذلك بكسيرة باقي الأحلاف (بني صخر ، والفضول ، بني سنبس ، بني لام..الخ ) من خلال معارك طاحنة وعبر عدة عقود زمنية حيث تمت هجرة المكسورين من (نجد) غربا إلى (العلا) وشمالا إلى (العراق والشام وافريقية) في حين فرضت (راية شمر) سيادتها على المكان (بلاد طيء)  حيث أصبح (بلاد شمر) كما ورثت (نفوذ طيء) الذي يذكر عنه المؤرخون ـ كما في (نهاية الأرب) بأنه ومنذ (العصر المملوكي) فقد توسعت (بلاد طيء) ونفوذها وبالتالي انساحت فروعها وسيادتها نحو الشمال فيما بين تيماء وخيبر والشام ، وكذلك نحو الشرق ، وهنا نجد الهمداني في (صفة جزيرة العرب) يذكر أن (من الحجر إلى تيماء ... تسكنه طيء ومنهم بنو صخر ، وأخوتها بنو عمرو بطن من بحتر) .زجاء في كتاب (نسب معد واليمن) لابن الكلبي ـ وهو مخطوط ـ : صخر بن جرم ـ وهو ثعلبة بن عمرو بن الغوث بن طيء .
كما ورثت (شمر) ملكية ومسمى كل ما ينسب لطيء مثل (ديار طيء وجبالها ومياهها وكرمها ) كما ورثت كذلك كل مئاثر ومناقب القبيلة الأم (طيء) وأضافت إليها الكثير، وهكذا فلا عجب أن تعد (شمر) كأشهر القبائل المتفرعة عن القبيلة الأم (طيء) دونما أي قصور في شأن أي منها ..
وكما كانت الحال بالنسبة للقبيلة الأم (طيء) فقد كانت (شمر) كذلك فهي فقط (القبيلة القحطانية) الوحيدة وما حولها (قبائل عدنانية) في (نجد) حتى لحقت بها مؤخرا بعض العشائر من (قبيلة حرب / القحطانية) كما أنها القبيلة الوحيدة التي لازالت تحافظ على موطنها في (نجد) منذ ما (قبل الإسلام) وحتى يومنا هذا ، وذلك برغم ما تعرضت له من انشقاقات وانقسامات وهجرات متلاحقة سواء كانت لأسباب بيئية اقتصادية أو سياسية ، كما أنها تأتي في المرتبة الثانية بعد (قبيلة عنزة) من حيث حجمها العددي وعدد فروعها العشائرية  .

 وقد استمرت السيادة ، ولعدة قرون ، في (جبال شمر) لراية ذلك التحالف (شمر / غلبا) ؛ وذلك بزعامة سلالة الشيخ (عيسى بن أجود) رافع (راية شمر) وكان أقدمهم شيوخ (آل بقار) من (آل بعير) من (آل أسلم / شمر / الطائية) فهم الذين تزعموا قيادة تلك المعارك السيادية حتى تحقق النصر التام لحلف شمر ، وهكذا فقد ضلوا يتوارثون (السلطة العرفية) المشرفة وكذلك (القضاء العرفي) وفق (النظام العرفي) أي (سلم شمر) السائد في (جبال شمر) وكان لهم عقد (لواء الحرب) وفيهم القائد (الزيزوم) والزعيم (المقدَّم) وذلك بالنسبة ل (عموم شمر) وكان مركزهم في (صهوة جو) ثم انتقلوا بعد كسيرة (بني سنبس) في (بلدة قفار) حتى تم إسقاط حكمهم (العرفي) نهائيا أمام انتشار الدعوة الدينية (الوهابية) التي تعتبره حكما طاغوتيا كافرا ، لاسيما بعد (معركة العدوة) عام 1205هـ ، كما سيأتي لاحقا .
   



ثانيا : شمر تكوينا عشائريا : (أسلم ، زوبع ، عبده)
وتتمثل في تلك القبيلة ذات المكونات الجينولوجية الثلاث ، وتمثل ثلاثة فروع أو بطون عشائرية وهي : (أسلم ، زوبع ، عبده) ولها تلك العزاوي الثلاثة الشهيرة (غلبا ، الطنايا ، السناعيس) وهذه العشائر متداخلة ومتواصلة فيما بينها على مختلف المستويات ، ولم يحدث فيما بينها كعشائر أي نزاعات أو صراعات تذكر .


ثالثا : أما شمر أيديولوجيا : (العرفيين ـ الوهابيين)
من هنا بداية المنعطف المحوري الخطير والعميق في تاريخ شمر ووجودها بحيث تبدى أخيرا في امتداد كيانها جغرافيا ، فشمر هنا هي تلك القبيلة التي انقسمت وتناحرت قبل نهاية القرن الحادي عشر الهجري ، جراء تلك الفتنة العمياء (فتنة آل أسلم الكبرى) أو (كارثة شمر) والتي ترتبت على الموقف من انتشار تلك الدعوة الدينية في نجد (الوهابية) التي تكفر النظم العرفية وشيوخ القبائل وتدعو لإسقاط شرعيتهم .. تأثرا بها ثار بعض شيوخ (آل بعير) و(آل أسلم) على ابن عمهم الشيخ والحاكم العرفي (ابن بقار) وتم اغتيال الشيخ (إرحمة بن بقار) الملقب (كريم سبلا) وحينها ، كان مؤخرا قد سطع نجم الشيخ (مطلق آل جربا) كشيخ قبلي وفارس مغوار وقائد عسكري موهوب ، وهو من (الخرصة / زوبع / الطائية) حيث نجده قد عمل في محاولة إرث (السلطة المشرفة) بعد ضعف (حكم آل بقار) لذلك فقد تصاهر وتقارب مع أسر (آل جعفر / الضياغم) وهكذا فقد كان يتزعم قسما من فرع عزوته (زوبع / شمر / الطائية) بينما يتزعم الغالبية العظمى من فرع (عبدة / شمر / القحطانية)..    
وعندما دب الصراع بين شيوخ (آل أسلم / شمر/ الطائية) كان قد دب كذلك بين شيوخ (زوبع / شمر / الطائية) وقد تبلور أخيرا بعد ذلك (الاجتماع المشئوم) الذي تم على (ماء الشقيق) في الانشقاق إلى جناحين متنازعين أيديولوجيا ومنشقين قياديا وهما جناحا (الصايح وآل جربا) فالأول : مناصر لتلك الدعوة الدينية (الوهابية) ويرغب بالانضمام تحت لوائها ، وكان بزعامة شيوخ (آل أسلم / شمر/ الطائية) عدا الشيخ (بن بقار) وكذلك شيوخ (زوبع / شمر / الطائية) عدا الشيخ (مطلق آل جربا) وأما الآخر : فهو بزعامة الشيخ (مطلق الجربا) ومعه القليل من فرع (زوبع /شمر/الطائية) والغالبية العظمى من فرع (عبدة / شمر/ القحطانية) وفروع متحالفة من مطير وحرب وعنزة وقبائل أخرى ، مناهضة لتلك الدعوة ، وقد اصطف (جناح الصايح) إلى جانب (جيش الدعوة) أمام (حلف آل جربا) وقد هزم هذا الأخير (آل جربا) في (معركة العدوة) الشهيرة عام (1205هـ) ، وانتهت بذلك قصة (شمر الأولى) بإسقاط رؤوسها الذين هاجروا إلى العراق ومعهم ما يقارب أربعة أخماس القبيلة ، وقامت عليهم (شمر الثانية) بزعامة الشيخ (آل جربا) وهنا تصنف (شمر) إلى (العرفيين ـ الوهابيين) في الإشارة إلى أنصار كل من (المشيخة القبلية ـ والإمارة الإسلامية) ذلك نظرا لكون تلك الدعوة (الوهابية) ضد القبلية والبداوة ومشيختها حيث تكفر شيوخها وتعتبرهم طواغيتا يحكمون بغير شرع الله ؛ وذلك بهدف سحب البساط من تحت أقدامهم ، وقد حصل ، فقد عمدت عند انتصارها إلى تولية واحد من أنصارها (الحضر) وهو ذلك الشيخ بالمفهوم الشرعي (محمد بن علي) ليكون واليا على الإقليم (جبال شمر) بعد ضمه ، ضمن (الدولة السعودية الأولى) وهنا نجدها لم تطلق عليه لقب (الأمير) كبقية ولاتها ، ذلك أنه كان من غير المقبول حينها (لقب الأمير) كما لم يكن (ابن علي) بدويا ولا شيخا قبليا يمكن أن تقبل به شمر ، كشيخ لها ، وإنما كان شيخا من منظور العلم الشرعي (الديني) وهكذا فقد تم التحايل بأسلوب مخادع مقبول ، وذلك بمنحه لقب (شيخ جبل شمر) نسبة للمكان (جبل شمر) وليس للقبيلة (شمر) وبعد فترة تم عزل (ابن علي) وتولية (ابن رشيد) بدلا منه ، وهنا لقب هذا الأخير من قبل (الإمام ابن سعود) ب(أمير ـ الجبل) باستبعاد المضاف إليه (شمر) .

وإلى يومنا هذا لا تزال تجليات ذلك الانقسام العقدي والأيديولوجي والقيادي والسياسي موجودة بيننا ، بل نجدها حادة أحيانا ، سيما بين رموز هذين التيارين المتناقضين ، خاصة لدى العنصريين المتعصبين ، حيث نجدهما يقسمان القبيلة (شمر) إلى (الكعيبرة ـ الأبارة) وذلك كناية عن صفتي (المتمردين ـ الخانعين)  وإلى (المشركين ـ المنافقين) ..إلى غير ذلك من نعوت السبابة والمراء والتطاول للنيل معنويا كل من الآخر ، ومثل هذه المظاهر يجب من الجميع رفضها وتجاوزها والترفع عنها كونها من صنع أعداء وحدة القبيلة وقوة شأنها .

رابعا : شمر تاريخيا : (الأولى والثانية)
 فالأولى : هي تلك التي تكونت بالتحالف والاتحاد تحت لواء شمر ـ وانتهت بسقوط حكم (آل بقار) في جبال شمر ، وهجرة رؤوس القبيلة بأربعة أخماسها إلى الرافدين ، وهؤلاء يمثلون الدفعة الثانية من هجرة (شمر) كجماعات من شبه الجزيرة العربية إلى الرافدين ، وتسمى (هجرة الجربا) وهي متلازمة مع هجرة قبيلة عنزة ، أما الهجرة الأولى : فكانت في أوائل القرن الحادي عشر الميلادي ، أثناء حكم المماليك على العراق . وقد استقروا في المدن والحواضر العراقية وعُرفوا أنذاك بالعشائر المتحضرة الريفية وضمت عشائر أسلم وزوبع وسبنس .
أما الثالثة : فنجدها أقل حجما وجاءت لاحقا عندما سقطت (أمارة آل رشيد)  يوم 2 من شهر نوفمبر (1921م) في شهر صفر من عام (1340هـ).   
ومن كل هؤلاء وقياداتهم تشكلت وظهرت (شمر الثانية) في بلاد الرافدين بزعامة شيوخ (آل جربا) وقد نهضت سريعا كقوة عسكرية منذ منتصف القرن التاسع عشر فاستعانت بها الدولة العثمانية في حرب العجم . وأبلت العشيرة في المعارك بلاءً حسناً حتى وصف رئيسهم صفوق بن فارس بن مطلق آل جربا بسلطان البر.
كما وقفت (شمر العراق) خلال الحرب العالمية الأولى إلى جانب العثمانيين ضد الانكليز . لكن التفسخ كان قد بدأ يدب في جسم القبيلة ، وأدى انقسامها بين دولتين خاضعتين لانتدابين مختلفين (سوريا الخاضعة للانتداب الفرنسي والعراق الخاضع للانتداب البريطاني ) الى تفاقم الأزمة داخل شمر . ولعب الفرنسيون والانكليز دوراً رئيساً في إذكاء نار الخلاف واجتهدوا في توسيع الشق بين فرعي العشيرة الواحدة . وكان يرأس مشيخة العشيرة في العراق آنذاك علي شمر الشيخ (دهام الهادي) فنازعه ابن عمه الشيخ (عجيل الياور) على المشيخة ، فمالت السلطات البريطانية إلى الشيخ عجيل ، فأصبح شيخاً على عشائر (شمر العراقية)  .

بينما انحصرت (مشيخة الهادي) على على عشائر (شمر السورية)

 وقد كان الشيخ (عجيل الياور) من أعظم رؤساء البادية العراقية في الملك والثراء . وكان راجح الفكر ذا تطلع مستقبلي وعلى اتصال واسع بكل القضايا العامة وعلى علاقة وثيقة موثوقة بالملك فيصل الاول ،ملك العراق .

خامسا : شمر كيانا جغرافيا : (نجد ـ الجزيرة)
وتتمثل في ديار تلك القبيلة الممتدة مكانيا بين موطنين متجاورين هما: الموطن الأصلي في (شمالي نجد) وموطن المهجر في (جزيرة الرافدين) فلقد هاجرت كل مسميات فروع قبيلة شمر كما بقيت كذلك كلها ، حيث قد هاجر من كل فرع ما يقارب الأربعة أخماس بينما بقي الخمس تقريبا في الموطن الأصلي (جبال شمرـ شمالي نجد) ..

 سادسا : شمر انتماء سياسيا : ( الجبل ، الياور ، الهادي )
 إذ هي تلك القبيلة التي قسمتها الحدود السياسية بعد (سايكس بيكو) بين العديد من الدول أهمها (السعودية ، العراق ، سوريا) حيث يصنفون على أساس ذلك إلى شمر:( الجبل ، الياور ، الهادي ) .

سابعا : شمر لواء قياديا : ( الجبل ، الصايح ، الجربا)
وتتمثل في تلك القبيلة التي انقسمت قيادتها يوما ما بين ثلاثة ألوية (الجبل ، طوقة ، الجربا)  أو ألوية ( الجبل ، الصايح ، الجربا) وكل لواء منها يضم فروعا من كل عشائر شمر ، وهذا يكشف مدى ما لديها من المرونة في مسألة تبادل الولاء القيادي فيما بين شيوخها وقياداتها ، بحسب الحال وظروف الزمان والمكان ..

ثامنا : شمر تاريخيا وثقافيا واجتماعيا: (النجدية ـ الجزيرية)
وتشير إلى تلك القبيلة التي تتميز بوجود لهجتين وثقافتين وتاريخين ... وهما : (النجدية ـ الجزيرية) وهما متداخلتين في جوانب كثيرة مع وجود تمايز واضح بينهما ، وهذا التمايز نجده حاصلا على مستوى كل فروع القبيلة ، لذلك نجده يصنف مكانيا وليس قبليا .

تاسعا : شمر ديموغرافيا : (البدوية ـ الحضرية)
وهي تلك القبيلة التي كان المنتمون إليها ينقسمون بين نمطين معيشيين حضاريين هما : (الترحال ـ الاستقرار) في حياة (البادية ـ القروية)  وبين نشاطين اقتصاديين هما (الرعي ـ الزراعة) وبالتالي بين نمطين للشخصية الثقافية والاجتماعية هما (البدوي ـ الحضري) وهذان النمطان لا يزالان قائمين كراسبين ثقافيين ، مع اندثار نمط البادية وحياة الترحال .

عاشرا : شمر القبيلة الكائنة :
تجاوزا لأوصاف شمر (الاسمية ، المقموعة ، المفككة ، الممزقة ، المحبطة) أقول بأننا أمام شمر :
1-             تلك القبيلة الواحدة المتصلة جغرافيا فيما بين (الرافدين ـ نجد)
2-              تلك القبيلة الواحدة المتصلة اجتماعيا بكل فرع من فروعها حيث نجد (الخمس) في الموطن الأصلي (نجد) و(أربعة أخماس) في موطن المهجر (الرافدين) ولم ينقطع التواصل والتصاهر بينهما .
3-             تلك القبيلة الواحدة المتصلة سياسيا بشيوخها وقياداتها المشتركة هنا وهناك .
تلك القبيلة الواحدة المتصلة ثقافيا وتاريخيا ، بخصالها الفريدة وبأمجادها التليدة ، وبنخوتها وحميتها وفزعتها الشمرية الأصيلة والشواهد على ذلك تطغى على الحصر ، ولذلك فإنه وبالرغم من توزع وجود أبناء هذه القبيلة بين عدة دول (دول الخليج ، العراق ، سوريا ، الأردن) إلا أن كونها متجاورة ، ولقوة الرابطة الشمرية بينها فقد ضلت كل فروع القبيلة على اتصال دائم بذويهم سواء في الموطن الأصلي وفي دول المهجر وقد ازدادت كثافة التواصل فيما بينهم بعد تقنيات الاتصال الحديثة .. وهكذا كانت ولا تزال هذه القبيلة على تواصل معنوي ومادي من خلال عدة قنوات ( النسب ، الهوية ، النخوة ، الحمية ، الثقافة ، التاريخ ، الجغرافيا ، الاجتماع ، الشيوخ) كما يتميزون أبناء شمر بتناسي كل الفوارق والمسميات بالالتحام والوحدة عند الملمات فلا (جينولوجيا) النسب ولا (الديموغرافيا) ولا (الأيديولوجيا) ولا (التأريخ) ولا (الجغرافيا) أو (الحدود السياسية) ولا اختلاف (القيادة القبلية) ولا أيا كان يمكنه أن يعرقل دواعي نخوتهم وحميتهم وفزعتهم لنصرة بعضهم في الحق ، والإتحاد عندما يشتد الكرب خلف قيادة واحدة ، والأمثلة على ذلك كثيرة منها مثلا : فزعة (الشيخ القعيط) من (العراق) لنصرة (شمر الجبل) في (معركة الشيوخ) وكذلك فزعة (آل أسلم) في (مناخ ضفرة) وأيضا في (معركة الجوف) وغير ذلك الكثير من المواقف المشهودة ، بحروف من ذهب ، في سجل (شرف شمر) . 

حادي عاشر : شمر القبيلة الممكنة : (شمر الحضارية)
وفي نظرة استشرافية فإن (شمر) هي تلك القبيلة الواحدة المحورية في قلب (الشرق الأوسط الجديد) .. والتي يتربص بها الكثير من الأعداء ويتآمرون ضدها .. ولكن فيما لو دعت الحاجة والفائدة العامة ، فإن قنوات الاتصال المشار إليها أنفا سوف تساعد على إمكانية إعادة اللحمة السياسية والوحدة الفاعلة لهذه القبيلة .. لاسيما في حال ما لو سقطت تقسيمات (سايكس بيكو) الحالية ..وألغيت الحدود الفاصلة بين السعودية والأردن والعراق وسوريا..  أو في حال حدثت لا قدر الله صراعات محلية ؛ فإنه يمكن لم شمل القبيلة بالاستفادة من توظيف زعامة كل من شيوخ (آل بعير) في (نجد ـ العراق) وشيوخ (آل جربا) في (العراق ـ سوريا) إذ يمكن التلاحم  من خلال انضمام هذين الجناحين العريقين الذين تم الانقلاب عليهما وإسقاطهما في (نجد) وذلك جراء تلك الفتنة العمياء (فتنة آل أسلم الكبرى) أو (كارثة شمر) التي ترتبت على انتشار الدعوة الوهابية في نجد ..

وهنا تحضرني قصيدة لأحد شعراء شمر ، وفيها يعقب شعرا على نقاش وجدال طال في أحد المنتديات ، حول ترتيب مكانات شيوخ شمر من حيث الأقدم والأقوى في النفوذ ونحو ذلك ، حيث يقول فيها :
  
يـــا الـربــع خـوذوهــا بـكـلـمـة قـصـيــره
بـــــلا مــزايـــد دون مـقــيــاس وعْــيـــار
فـــي (شـمــر الأولــــى) ب(نـجــد الـجـزيــره)
شيوخ (آل بعَيِّر) ما أحـدٍ فوقهـم صـار
بـأيــام (ابـــن بـقــار) مــــا شــيــخ غــيــره
مـن قبـل (قصـر الشيـخ) بالـدار ينهـار
أمــــــام (دعــــــوة) كــاســريـــن الـجــبــيــره
علـى (شيـوخ العـرف) فيهـا الزمـن دار
تــبــدلــت فــــــي كــــــل شــــــره وخـــيــــره
وتحولـت والـرأس خلـف الذنـب صـار
و(الأولـــة) فـــي (نـجــد) لا قــــت مـصـيــره
وقامت على (الجربان) بأكناف (سنجار)
فــي (نـجـد) (ابــن بـقـار) شـاعــم سـعـيـره
ومن بعده (الجربـا) استلـم جـذوة النـار
(شـيـخ الـشـيـوخ) الـلــي يـجــر الـجـريـره
بـالـرافـديــن (الـشـمــريــة) لـــهـــا الـــكـــار


إلى هنا أكون قد اجتهدت في رصد ما هنالك من تضنيفات شائعة تتعلق بعموم قبيلة شمر ، راجيا في الختام أن أكون قد وفقت في تناول ذلك ، كما استبيحكم العذر في التقصير أو الخلل البشري . والله من وراء القصد ، وهو أعلم .

وتقبلوا سلامي وتحياتي
د.شائم لافي الهمزاني



ليست هناك تعليقات:

بيع شتل أثل بلدي

يوجد لدينا في حائل شتل أثل بلدي بأسعار مناسبة ومقاسات من 2 وحتى 6 متر واتساب 0564025364