الأربعاء، 19 أغسطس 2009

لماذا يمنع الإحياء الشرعي في بلادنا ؟1

أحرث وازرع أرض بلادك!! وبكرا التعديات فالك !!
فأين منها مجلس الشورى ، ومجالس المناطق ؟!
وهل من سبيل للحد من استحواذ خفافيش الظلام ومصاصي الدماء
على مصالح الناس ، وتهميشهم بعيدا عن كل مقدرات بلادهم ، بما فيها أرض الآباء والأجداد ؟؟!!

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد:

في هذه المقالة ، سوف أوجز في تناول قضية أجدها تؤرقني دائما ، وأخالها تؤرق الكثيرين غيري ، مع أن البعض قد لا يوليها ما تستحق من الاهتمام ، كونه لا يعيها كما هي ، لاسيما وأنها تتصل بأعماق الفطرة الإنسانية كركيزة أساسية في دعم الذات ، ، ألا وهي قضية إشباع غريزة حب تملك الأرض كفطرة إنسانية ، حق مشروع ، وظاهرة تاريخية ، وهي قضية وطنية يجب أن يتصدى لها الكل منا ..

فيما قبل الفضائيات ، كنا نستمع كل صباح لبرنامج إذاعي جميل أعتقد من إذاعة الرياض (ربما لا يزال) وهو يحث على الزراعة أعتقد اسمه (الأرض الطيبة) ويبدأ ويختتم بأغنية تقول كلماتها:

أحرث وازرع أرض بلادك = بكرا تنتج وتغني أولادك؟؟!

ولا غرو ، فإن حب الاعتمار في الأرض وحب امتلاكها فطرة فطر الله الإنسان عليها ، ليكون خليفة على الأرض ويعمرها . وكلنا نرى فرحة الأطفال وإبداعاتهم عندما يتسنى لهم اللعب بالماء والتراب ، ونحن الكبار أيضا نحبها ولكن لم يتسن لنا حرثها وزراعتها ، كما كان يدعونا برنامج الأرض الطيبة .

ولعل أكبر مشكلة تواجهنا في هذا الصدد إنما هي قرار منع الإحياء الشرعي : أي حق التملك القائم على استصلاح الأراضي البور وإعمارها بتحويلها من مكان ميت لا زرع ولا دار ولا سكان فيه ، إلى مكان حي مأهول بالناس ، علما بأن أسلوب التملك بالإحياء يعد من أهم الركائز التي تستند عليها خلافة الإنسان في إعمار الأرض ، وقد أمر الرسول محمد (r) بزراعة الأراضي وإحيائها ، فقد نص (r) على أن من أحياء أرضا ميتة فهي له . كما نجد قوله (r) لو قامت الساعة وفي يد أحدكم شجرة فليغرسها . ولكن المصيبة حاليا هي عندما تستصلح وتزرع أرضا كما يقال : للشمس والقمر ، فإن نصيب كل ما بذلت الهدم والتدمير دون أي مبرر ، فيا للعجب ؟!!


وتماشيا مع المقدمات السابقة ، فلقد كان الإحياء الشرعي قائما ومشجعا في بلادنا ، خاصة بعد قيام الدولة السعودية الأولى ، وتطبيق الشريعة الإسلامية فيما يخص ملكية الأرض ، وقد استمر هذا النهج حتى ما قبل عام 1396 هـ ، وكلنا نعرف تلك القرى (الهجر) التي قامت إبان تأسيس المملكة العربية السعودية .
حيث كان كل من يبني دارا أو يحفر بئرا ، أو يغرس موقعا ، أو يزرعه نخلا أو أثلا أو أو قمحا أو برسيما أو فقط يحرثه ولم يتمكن من زراعته ، فإنه يعد ملكه شرعا ، بل وحتى عرفا قبليا ، وبالتالي يحق له الحصول على صك ملكيته ، وهكذا فقد تناما الاستيطان في صحرائنا ، ولم يتوقف إلا منذ عهد قريب عندما أنشأت (لجنة التعديات) وأصبحت تلهث كالسبع المسعور في إزالة الإحياءات وبالتالي تمويت أراضي بلادنا ، وقطع الكثير من مصالحنا في أرضينا وضمن ديارنا .

ذلك عندما تم تعطيل مشروع الإحياء الشرعي ومنعه بأسلوب مباشر ، حيث يعد الشخص المحيي محدثا ، وهنا تتم إزالة الحدث ، وأسلوب آخر غير مباشر حيث : أن من يتقدم بطلب صك شرعي لمزرعته القائمة فإن عليه أن يثبت شرعا بأنه قد أحياها فيما قبل عام 1384 هـ ، وهذا أمر من غير المعقول ، فحاليا أين هم من أحيوا في هذا التاريخ ؟! قطعا لقد ماتوا أو هم على حفرة الموت ، لذلك نجد أن هذا الأمر إنما جاء فقط لصالح المتنفذين وأهل المحسوبية والرشوة ، والكذابين الذين يأتون بالشهود على أنهم قد أحيوا مزارعهم فيما قبل التاريخ المحدد ، بينما نجدهم يقومون بزراعة نخيل ميتة ، ويبنون جدارا أو غرفة من الطين ويصبون عليها الماء ، حتى تبدو وكأنها قديمة ، مع أن الكل يعرف السالفة . بما فيهم القضاة وهيئة النظر والمساحين ، ولكن الجميع يساير هذه التمثيلية المكشوفة لمصلحة ما ، بينما يواجه الغالبية منا غطرسة لجنة التعديات بالتدمير والهدم والإزالة . وهذا قطعا له انعكاسات سلبية عميقة في مختلف جوانب الحياة الفردية والاجتماعية ، دع عنك من يقول : لقد تم اعتماد مخططات زراعية منظمة وفي مواقع استثمارية لمن يرغب ، فالغالبية من سكان الدرع العربي جنوبا ، لا يرغبون في هذه المخططات التي تقع غالبا في شمال المنطقة ، مع ارتفاع تكاليفها ، و ، و ، الخ .

ولعله من المناسب هنا ، أن نتذكر أنه أحيانا نجد البعض من أصحاب السلطة ، ولمصلحة ما ، قد يتخذ قرارا ، مثلا : تحت شعارات معينة مثل التحديث والتطوير والتنظيم والتخطيط والمصلحة العامة ،، متناسيا ربما الانعكاسات السلبية الإنسانية لهذا القرار ، خاصة محاصرة نفوس الناس والتضييق عليهم بما يخالف فطرتهم ، فلقد رأينا كيف سقطت النظم الشيوعية برغم شعاراتها البراقة في العدالة والمساواة وخلافة؟؟! ، والسبب هو أنها كانت تحرم الناس وتضيق عليهم فيما هو عنصر أصيل بفطرتهم كالحرمان من التملك والمتاجرة وإلغاء التمايز الاجتماعي ، وخلافه ، وهكذا شهدنا سقوطها المدوي مع مطلع العقد الأخير من القرن المنصرم . وهكذا فإن كل قرار مهما كانت دعواه وشعاراته الإنسانية إلا أنه عندما يتعارض مع الفطرة فإنه مرفوض بالفطرة ، وبالتالي فهو باطل ، وسوف يسقط لا محالة . يقول المثل : إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع .

والمصيبة هنا : أن بعض المسئولين لا يشعرون بما يشعر به عامة الناس والسبب هو أن غالبيتهم يتمتعون بما يحرم منه الآخرون ، فلديهم مزارع وليست مزرعة واحدة وبمئات الكيلو مترات ، إضافة إلى نواحي أخرى ، (فمن عاش في كنف والديه ، لا يعرف شعور اليتيم).

وإلا :

هنا ،، بادرة بالتوارد العديد من الاستفهامات :ـ

مثلا :

لماذا تعطيل حركة الإحياء الشرعي وانتشار الاستيطان في صحرائنا الشاسعة ؟! هل لدينا ندرة في الصحاري ؟ أليست نسبة الكثافة السكانية لدينا لا تزيد عن (8 ) أشخاص لكل كيلو متر واحد من مساحة دولتنا ؟!.

وكم هي المصالح المعطلة بتعطيل هذه المصلحة ؟ ولمصلحة من ؟ ومقابل ماذا ؟!
وهل توجد فوائد معينة لتعطيل عملية الإحياء الشرعي ؟! ما هي هذه الفوائد؟!.

وهل حال منع الإحياء دون حصول الهوامير على صكوك شرعية بالكيلومترات ؟ أم فقط يحرم الضعفاء وأصحاب الدخل المحدود ؟1

أليس من الأفضل تيسير ملكية الإحياء الشرعي ؟ وهل يمكن تنظيم عملية الإحياء بأسلوب حضاري ؟ وكيف ؟

وما هي المشكلات التي يمكن مواجهتها من خلال تنظيم عملية الإحياء الشرعي ؟!
؟
؟

وعليه يمكن القول القاطع ، بعدم وجود أي فائدة تذكر من هذا الإجراء العقيم المتمثل في منع الإحياء الذي يتم وفقا لهذا الأسلوب الشرعي ؛ اللهم إلا ما يخص مصلحة هوامير العقار وأنصارهم من خفافيش الظلام ومصاصي الدماء ، قد يقول قائل بأن المسألة فقط تنظيمية ، وأقول : نحن هنا لا نطالب بالفوضوية وإنما نطالب بالتنظيم الذي لا يعرقل هذه المصلحة الشرعية والضرورية ولا يحرم عامة الناس من فوائدها الكثيرة التي تفوق أي ثمن قد يراه البعض مبررا زائفا لتعطيلها ..

ولدينا في حائل مثالا قائما يدل على نجاعة هذا الأسلوب وهو ما حصل في الموقع المسمى (أرينبة) الواقعة بالقرب من (المعيقلات) عندما قام قبل سنتين تقريبا أعداد من المواطنين في حائل(عاطلين ومتقاعدين وموظفين) بإحياء هذا الموقع وقد تم إيصال التيار الكهربائي لمزارعهم وهي الآن قرية عامرة ، وقد كانت أرضا ميتة لا فائدة منها .
فما هو الضرر الذي لحق بالوطن أو بالمواطنين من إحياء هذا الموقع ؟! الجواب : بل بالعكس فلنقل : كم هي الفوائد التي عادت على هؤلاء المواطنين وعلى بلدهم بعد إحياء هذا الموقع ؟؟ ثم ما هي الفائدة التي عادت علينا كمواطنين أو على بلدنا من هدم المزارع التي قامت مثلا على طريق مريفق ـ سراء ؟؟! أو الكثير غيرها .

وأجدني هنا ، ربما بحاجة ، إلى التفصيل حول :

أولا : بعض الفوائد التي نجنيها من تنظيم الإحياء الشرعي وليس منعه .

ثانيا: تقديم اقتراح مبدأي لتنظيم عملية الإحياء الشرعي :

من الفوائد الممنوعة للإحياء الشرعي :

للإحياء الشرعي هنالك العديد من الفوائد النفسية والاجتماعية والاقتصادية والحضارية والطبوغرافية والديموغرافية ، وغيرها مما لا يمكن حصرها ، لذلك فإننا هنا فقط نحاول الإشارة إلى البعض منها:-

1- هنالك ثلاث فئات من الناس لديهم وقت فراغ كبير جدا وهؤلاء هم العاطلون (غير المرتبطين بعمل) والمتقاعدون ، والموظفون ، وهؤلاء لا يجدون لهم متنفسا ترويحيا ، لذلك نجدهم إما أن يضلوا في بيوتهم أمام الفضائيات أو الانترنت ، أو في الاستراحات وما أدراك ؟! وهكذا فكل هذا الوقت يقتل حاليا وبكل دم بارد ، وغالبا بوسائل سيئة للغاية وانعكاساتها جد قاتلة ، ألا يجدر بنا استثمار هذا الوقت إيجابيا ، بفتح باب الإحياء الشرعي مع تنظيمه ؟! والمعني هنا هم المسئولين لدينا !


2- إن الأمل بامتلاك الأرض لدى الشباب ، يؤدي إلى إشباع جانبا من غريزة (حب تملك الأرض في الوطن) ودورها المحوري في تعزيز اعتبار الذات والثقة بالنفس والاطمئنان المستقبلي لدى الشباب ، مما يؤدي إلى امتصاص الشحنات والمشاعر السلبية لديهم ، ويؤدي بالتالي إلى نوع من الرضا الذاتي والاجتماعي والمجتمعي ، مما ينعكس إيجابا على كل ما يعمل من أجله المسئولون و يأملون توافره لدى مواطنيهم ، حيث انتشار التواد والتراحم والتواصل والتعاون ، المشفوع بحب هذا الوطن مع قوة الانتماء إليه ، والولاء لولاة أمره المخلصين ، ولكل الهيئات والمؤسسات القائمة فيه ، وصيانة أمنه والعمل لرفعة شأنه ، .

3- شعور هؤلاء الناس بشيء من الانطلاق والانشراح بعد تحقق هذه الحاجة المكبوتة والتخفيف من حدة الضغوط النفسية واختفاء مظاهرها كالتذمر والضجر والتوتر والاكتئاب والشعور بالضيم والكبت والحرمان والكثير مما يشعر به الناس حاليا ، والذي نجده يتجلى سلبيا في العديد من الأعراض النفسية الفردية (التعويضية) مثل قتل الوقت بإدمان المخدرات ومتابعة القنوات الفضائية الضارة وسلبيات الانترنت ، هذا عدا الكثير من الأمراض النفسية مثل الاكتئاب والعزلة ومظاهر العدوانية المتزايدة بين شبابنا ، من اعتداء واغتصاب وضرب وقتل وغيرها.


4- إن إنشغال الشباب في زراعة الأرض قطعا سيؤدي إلى هجر التجمعات المشبوهة في الشقق والاستراحات ونحوها ، وبالتالي تكوين علاقات اجتماعية سليمة من خلال الانصراف نحو بعض الاهتمامات المشتركة مع الآخرين في الزراعة وتربية الحيوان والأعمال التطوعية ونحو ذلك ، كما يساعد في كسر العزلة التي يمكن اعتبارها كنوع من (الانتحار الاجتماعي ).الذي تطور إلى هجر الأهل في المدن والسكن في الكهوف والطلح وما شابه في البراري ، بعيدا عن كل الناس ، لماذا؟!

5- لقد ركزت خطط التنمية في بلادنا ، خلال العقود الماضية على تنمية المدن الرئيسية مما انعكس سلبيا عليها ، كما انعكس سلبيا على المناطق الريفية حيث خلت من سكانها لاسيما الشباب ، وقد كان الريف يفتقر إلى الخدمات الضرورية من تعليم وطرق واتصالات وغيرها ، أما اليوم وقد توفرت معظم الخدمات الضرورية فإن غالبية أهل الريف المهاجرين على المدن يرغبون في العودة إلى قراهم ، ولكن جانبا من المشكلة يتمثل في (لجنة التعديات) والحرمان من امتلاك أرض ، مع أن لعودتهم من الفوائد ما يطغى على الحصر ، وذلك في كل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية إضافة إلى معالجة بعض السلبيات الطبوغرافية والديموغرافية ، والحضارية ..الخ ، حيث إسهامها في إعادة توزيع السكان على مساحة أكبر ، وتخفيف تمركزهم الحاصل في المدن الرئيسية ، وبالتالي يخف الضغط على الخدمات فيها ، وتخف معدلات الجريمة وغيرها من الانحرافات والمظاهر السلبية ، فضلا عن أن مثل هذا الإجراء سوف يسهم من الناحية الأخرى في تنمية الريف ، ولو تم دعمه بإنشاء بعض المشروعات ، كأن تكون الأولوية في منح التراخيص لبعض المشروعات في الريف ، كما ترتفع معدلات التفاعل والحراك الاجتماعي (شبه المتصلب) ، واستعادة التوازن السكاني المفقود ، وقبل كل ذلك وبعده تنشيط مجال الإيكولوجيا الحيوية ، إلى غير ذلك من الجوانب والمجالات الكثيرة والخطيرة على كيان الدولة ككل .

6- وفي هكذا إجراء سوف يتحقق استثمار الوقت الضائع (المقتول) بالنسبة لغالبية العاطلين والمتقاعدين وكذلك وقت الفراغ بالنسبة للموظفين ، وذلك بما يعود بالفائدة عليهم وعلى البلد ، ففي منطقة حائل فإن مثل هذه المواقع والتي تقع غالبا جنوب المنطقة نجدها تقع ضمن منطقة الدرع العربي (ندرة الماء وملوحته) بحيث تكون مناسبة فقط لزراعة بسيطة (غير ذات جدوى استثمارية ) مثلا زراعة عدد محدود من شجيرات النخيل والزيتون والرمان ، ومساحة محدودة من البرسيم ، مع تربية 40 رأسا من الأغنام وبعض الطيور ، ولكنها برغم محدوديتها سوف تعود على أصحابها وعلى السوق المحلية بمردود إيجابي ، مثلا من البرسيم والأغنام والطيور وغيرها ، فهي قطعا ستوفر للعاطلين دخلا يغنيهم عن الفاقة للناس ، كما يعدل الموظفون والمتقاعدون مرتباتهم ولو فقط بقدر قيمة فاتورة الكهرباء . إلا أنه من الممكن تحسين مستواها الإنتاجي كما ونوعا ن مثلا من خلال إدخال وسائل تقنية حديثة في توفير الماء (الحد من الهدر والتبخر) وفي خفض نسبة الأملاح فيه (المعالجات التقنية) وفي خفض العمالة .

7- وقطعا فإن مثل ذلك سيحد من ظاهرة تكاثر حظائر الحيوانات بالقرب من المدن وعلى الطرق السريعة ، كما سيحد أو ينهي ظاهرة المخيمات والاستراحات المؤقتة كما في الثمامة قرب الرياض ، وغيرها ، ذلك عندما تمتصهم المزارع .

اقتراح تنظيم عملية الإحياء الشرعي :

إنما تكمن مشكلتنا هنا في القرارات المتطرفة ، أي بين إما : ترك الأبواب مشرعة لمختلف السلوكيات الفوضوية ، كما كان في السابق ، بحيث ينمو الاستيطان بصورة عشوائية ، ربما تكون مشوهة ، أو أن يأتي الحل في الاتجاه الآخر ، أي : سد الأبواب بالمنع التام لمصلحة ما ، بصرف النظر عن مراعاة المصالح الأخرى ، لاسيما ما يتسبب هنا في تذمر الناس وتنغيص حياتهم ، مع عدم ترك مساحة مناسبة لحرياتهم وتحقيق ذواتهم .
بينما المطلوب لا هذا ولا ذاك ، وإنما هو : التنظيم ، فلا نسد أبواب المصالح الحيوية للناس ، بقدر ما نجتهد في تنظيمها وإجرائها تعميما للخير، عندما يتم الإحياء الشرعي بشكل منظم ودون أي تعويق فقط بحسب شروط وقيود معينة وميسرة .

وهنا اقترح مبدئيا لتنظيم ذلك ما يأتي:-


1- إن جميع الأراضي البور تعد ملك للدولة ، حيث تم إلغاء الملكية القبلية بقرار سامي ، وعلى ذلك أرى : أنه لا يحق الاعتراض على أي شخص يرغب في الإحياء بدعوى ملكية قبلية .


2- أن لا توجد دعوى شخصية (غير كيدية) على الأرض المراد إحيائها ، وإذا وجدت يتم حسمها قضائيا لصالح احد الشخصين أو بالصلح فيما بينهما ، فلا يتم حرمان كلا الطرفين بتمويت الرض المتنازع عليها كما هو حاصل حاليا.


3- تحديد مسافة معينة عن المدن الرئيسية وعن القرى ، بحيث يتم الإحياء فيما بعد هذه المسافة .


4- تحديد مسافة معينة عن الطرق السريعة ومسافة مناسبة عن الطرق الزراعية وعن مجاري السيول والجبال أو خلافة من المصالح العامة .


5- تحديد مساحة معينة للأرض ، بما لا تزيد مثلا عن (100 دونم ) أو أقل أو أكثر كما يرى ذلك أصحاب الشأن . ولدينا الكثير من الشعبان المناسبة للزراعة والتي حاليا لا يوجد فيها غير الرمث والعوشز .

6- يتعهد صاحب الأرض بأنه لا يحق له الحصول على حجة استحكام (صك تملك) قبل مضي مدة معينة مثلا ( 10سنوات) أو أقل أو أكثر كما يراها المنظمون.


7- يتعهد صاحب الأرض بأنه لا يمانع ولا يطالب بتعويض فيما لو احتاجت المصلحة العامة لجزء من أرضه أو كلها في المدة التي لا يحق له الحصول فيها على وثيقة تملك شرعي .


8- اقترح أن يتم تصميم استمارة تفي بكل البنود السابقة أو غيرها مما يراه المسئولون ، بحيث يتم تعبئتها تحت إشراف أمير المركز الذي تقع الأرض ضمن نطاقه ، ويرفق بها نموذج المسح الفني وتقدم على مديرية الزراعة ليتم ضمها ضمن ملفات الإحياء الشرعي ، على أن يمنح صاحبها رخصة إحياء مبدأي.

9- كما اقترح أن يتم منح قرض مناسب لإحياء مثل هذه الأراضي بما يعود بالفائدة على أصحابها وعلى بلدانهم ، واقترح أن يركز القرض على ما يرفع إنتاجيتها مثل دعم أساليب تقنية مناسبة من أجل توفير الماء ، وخفض ملوحته ، وكذلك خفض عدد العمالة. مع تقنيات حديثة لتوطين بعض المزروعات المناسبة ، بحيث يمكن رفع إنتاجية منطقة الدرع العربي ، التي تمثل منطقة الاستيطان الحضري التاريخي في منطقة جبال شمر (منطقة حائل) وغالبية أهلها لا يحبذون الانتقال إلى الطرف الآخر من المنطقة ، وإنما يفضلون البقاء بالقرب من قراهم التاريخية ..


وفي الختام ، فإن ما تقدم عبارة عن عرض متواضع مقتضب ولكنه محاولة مخلصة لإثارة هذه القضية التي أراها تشغل بال الكثيرين منا ، برجاء مناقشة هذه القضية بموضوعية ، مع تناول فوائدها خاصة بالنسبة للعاطل وللموظف الذي قد لا يجد متنفسا له ولأولاده ، وكذلك المتقاعد الذي عاد إلى بلده ، ولا يريد حياة المدينة بشكل مستمر ، ولو أنه حاول أحياء أرض في مكان يحبه ، قام عليه أحد الحساد وما أكثرهم ، وفقط بمعروض صغير وإلى أقرب مركز ((فلان قام بالتعدي على الأرض كذا)) ومن الغد والبلدوزر يصول ويجول وربما ليس لدى هذا المسكين سوى ما صرفه على استصلاح هذه الأرض ، بعد أن استبشر وفرح بها أولاده ، فهل هذا من الإنصاف في شيء ؟! وهل هنالك فائدة قد تعود على المصلحة العامة من هدمها وإبقائها أرضا مواتا وحرمان هذا الشخص الذي ربما هو بأمس الحاجة إلى ريعها مهما كان محدودا ؟! .
إما إذا كانت المسالة تنظيمية فلنضع نظاما إجرائيا ميسرا لها ، فأين من ذلك كل من : مجلس الشورى ومجالس المناطق ، والهيئات العليا لتطويرها وأيضا المجالس البلدية بل وشيوخ القبائل وأمراء المراكز وغيرهم من الحريصين على مصلحة الوطن والمواطن ؟!.

والمهم ؛ هو أنتم أيها المسئولين ، الذين تستفيدون فقط من صلاحيات السلطة وتتنصلون عن مسئولياتها ، هدانا الله وهداكم للخير والإصلاح : أحسوا بواقع الناس وحلوها عاجلا ، لتيسروا بها على الناس ، الذين قطعا سوف تكسبوهم ، فكما يقال : إن الإنسان عبد الإحسان .
وأخيرا وليس آخرا ، أنتم أيها أصحاب الفضل ، من الأكاديميين والباحثين ، وطلاب الدراسات العليا ، لعلنا نجد لديكم بعض الاجتهادات المميزة ، في معالجة مثل هذه القضايا المحورية .

والله أعلم وهو المستعان

وتقبلوا تحياتي

كاتبه أخوكم / د.شائم الهمزاني
دكتوراه في علاقة الوعي بالواقع الاجتماعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود ـ الرياض
25/8/1430 هـ





الأربعاء، 12 أغسطس 2009

قبيلة شمر، تسميتها ، تاريخها ، تفرعاتها الرئيسية

قبائل شمر : شمر قبيلة نجدية طائية موطنها الأصلي منطقة جبال طيء التي سميت لاحقا جبال شمر وهي ذات تفرعات كثيرة ، وانتشار واسع ، فهي تمتد من وادي الرمة الواقع شمال المدينة المنورة وحتى تتجاوز شمالي كل من العراق وسوريا ولهذا يمكن إطلاق لفظ الجمع أي قبائل شمر ؛ بينما الدارج فهو إطلاق لفظ المفرد ، أي : قبيلة شمر في حين نجد بعض القبائل تنطق بلفظ الجمع مثل قبائل عنزة ، وقبائل قحطان وغيرهما ، وهذا يعود إلى قوة الوحدة واللحمة بين فروع قبيلة شمر عبر تاريخها .
فهرست[إخفاء]
1 أولا : تسمية قبيلة شمر :
2 ثانيا: مراحل انقسامات قبيلة شمر وهجراتها تاريخيا :
3 ثالثا: أقسام قبيلة شمر وتفرعاتها حاليا :
4 رابعا: خصائص عامة تميزت بها هذه القبيلة عن غالبية القبائل الأخرى:
5 مصادر ومراجع وروابط ذات علاقة بالمقالة :
if (window.showTocToggle) { var tocShowText = "إظهار"; var tocHideText = "إخفاء"; showTocToggle(); }

[تحرير] أولا : تسمية قبيلة شمر :
بحسب المفهوم الحالي فقد جاءت تسمية هذه القبيلة عبر مسيرة من التاريخ الطويل من الأحداث التاريخية المتراكمة ؛ وهكذا فقد جاء متدرجا على النحو التالي:
اسم شمر كجد ونسب:
اسم شمر كسلم وعرف:
اسم شمر كراية تحالف :
اسم شمر كعزوة ونخوة:
اسم شمر كمنطقة جغرافية:
اسم شمر كعصبة قبيلة :
اسم شمر كجد ونسب:
ويعود إلى القاضي والحاكم المشهور في الجاهلية قيس بن شمر الطائي الذي تكون وتشكل على سلالته حلف شمر الذي انتهى إلى تكوين وحدة قبلية تحمل هذا الاسم وهي قبيلة شمر .
و قيس بن شمرهو بن عبد جذيمة بن زهير بن ثعلبة بن سلامان بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن جلهمة (طيء) بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، وهو علم من أعلام قبيلة طيء .. والمشهور أنه كان من أشهر زعماء طيء وكان حاكما فعليا لعموم المنطقة ، وقاضيا عرفيا على مستوى إقليم نجد ، وهو الذي عقد أشهر تحالف بين قبائل طيء في الجاهلية ، فعندما استخدم الروم سياسة فرق تسد للقضاء على قوة طيء بتمزيقها إلى قبائل ثم إخضاعها واحدة واحدة ، رفع هذا الرجل راية إلزامية أسماها عالية طيء ومعناها (الجامعة) التي لا ترفع راية إلا في ظلها ، أو تتم محاربتها ، واقترح فرض خراج ثابت وعرف موحد وهو عرف قيس بن شمر ، فانظم من انظم ورفض من رفض ، وهؤلاء أي المعارضين أعتبروا أعداء وغير أصحاب أرض وتم التوخيذ بهم لإخراجهم من المنطقة ، وفعلا تم ذلك .
وقد ورد اسم هذا الرجل مع مواقع في جبل أجا منها صهوة جو ومسطح وعين بلطة وشوط وحية وذلك في مواضع كثيرة من الشعر الجاهلي نذكر مما قاله امرؤ القيس :
سمالك شوق بعد ما كان أقصرا *** وحلَّت سليمي بطن قو فعرعرا
فهل أنا ماش بين شوط وحية *** وهل أنا لاقٍ حيَّ قيس بن شمرا .
اسم شمر كسلم وعرف:
امتد اسم شمر في الأساس على أنه سلم شمر ويمثل ذلك النظام عرفي الذي سنه ورفع رايته باسم قبيلة طيء ذلك الرجل المشهور في الجاهلية قيس بن شمر، وذلك ضد القبائل التي كانت وقتها تنازع الطائيين ، ففي ضوء شح الماء والكلأ فإن القبائل مع التكاثر أو الجدب تبدأ تنازع القبائل الأخرى ؛ فتقوم الحرب بينها ؛ وغالبا ما تنتهي بهجرة بعضها .
يقول الشاعر :
شمر خيار السلوم = بحجازها وانجاده* مثل هداج الزيزوم = والناس له ورادة* والعرف فيهم معلوم = نسل شمر أسيادة* ما هم من أصحابٍ قوم = وعاداتهم معتادة
اسم شمر كراية تحالف :
قامت شمر في الأساس كراية تحالف (حلف) بين عدد من أفرع قبيلة طيء وحلفائهم من غير طيء ، وهي التي كانت لا تزال باقية في بلاد طيء في نجد ؛ وذلك ضد باقي الأفرع التي لم تدخل ضمن هذا التحالف . وقد جاء هذا التحالف تقريبا فيما قبل القرن الثالث عشر الميلادي ، عندما بدأت أفرع قبيلة طيء في الجبلين تتصارع فيما بينها ، على الأماكن المرغوبة من حيث توفر الماء المناسب لزراعة النخيل البعل ، مع الحصانة الأمنية وتتمثل في جبال طيء ، أما الأراضي السهلية المنخفضة فكان النزاع فقط على أساس السيطرة على موارد المياه لري الماشية في فصل الصيف ، أو على مواقع المراعي ؛ وكان من زعماء طيء حينها ، أحد سلالة قيس بن شمر صاحب السلم السائد ، قيل أنه من أحفاد الجرنفش القيسي ، ويرجح أنه القاضي والحاكم المشهور عيسى بن أجود الأسلمي الطائي ، هذا الرجل عمد إلى أسلوب سلفه حيث رفع راية شمر كراية إلزام ، وتعني : من الذي معنا؟؟ ومن ليس معنا فهو ضدنا ؛ هكذا كانت ويسمونها (راية إلزام) ، انظم من انظم فكونوا تحالفا كبيرا يسنده سلم شمر ، وزعامة القيسيين ، الذين يملكون الأماكن الحصينة (الأحياء) في جبال طيء ، مثل صهوة جو وما حولها في جبل أجا وفي جبل سلمى وجبل رمان . وقيل أنه صاحب القبر الموجود في قرية توارن وأنه ليس لـحاتم الطائي مستدلين ، بأبيات من شعر الشيخ عيسى منها قوله:
أنا من توارنِ قائما بتوارنِ ==== وإذ ما أموتُ بتوارنِ وارني
وقد استطاع هذا التحالف السيطرة على كل مناطق قبيلة طيء وارثين مكان الذين رحلوا شمالا ؛ بعد حروب طاحنة دامت لما يربو عن الأربعة قرون ، هاجر على إثرها وفي مراحل مختلفة العديد من القبائل منهم بني سنبس وجديلة وقبائل سبقتهم إضافة إلى بني صخر وبني لام والفضول ، وخلالها وبعدها تصدا هذا التحالف لهجمات قبائل كثيرة مثل بني وائل وفروع من غطفان ،وغيرهم من قبائل خيبر والعلا ونواحيها ، ومن أهم تلك المعارك معركة عصفر الشهيرة التي حدثت إبان القرن الخامس عشر الميلادي ، وقبائل جنوب نجد وضد حملات أشراف مكة المتلاحقة .
اسم شمر كعزوة ونخوة:
خلال تلك المعارك ، كان النصر والظفر غالبا لصالح هذا التحالف، مما أبرز لفظ شمر كعزوة ونخوة تبعث في صدور المقاتلين روحا معنوية عالية وتخلق نوعا من روح الجماعة ، التي تبلورت وتجسدت في تكوين وتعميق الولاء لهذا الاسم الرمز الذي اقترن بلفظ (غلبا) وجاءت لشحذ الهمم عند اللقاء وتعني (إن لم تغلبوا عدوكم فستغلبون وليس في الغُلب غير مر الذل والنزوح) .
اسم شمر كمنطقة جغرافية:
لقد تمكن تحالف شمر من السيطرة على كل ديار قبيلة طيء بعد هجرة أغلبها ، ووراثتها يكل ما لها ؛ بما في ذلك اسمها ، حيث تحول اسم ديار طيء إلى ديار شمر وعرب طيء إلى عرب شمر وجبال طيء إلى جبال شمر ،ومياه طيء إلى مياه شمر وهكذا فإن هذه المنطقة تعتبر هي الوحيد في نجد التي حافظت على سكانها منذ الجاهلية وحتى يومنا هذا .
اسم شمر كنظام حكم عرفي:
كان سلم شمر سائدا في أغلب إقليم نجد والمناطق الواقعة شمال جبال طيء إلى حدود العراق وسوريا . وقد استمر يتوارثه قضاة (عوارف) من القيسيين ؛ وغالبا ما يكونوا هم أصحاب السلطة القبلية (المشيخة) وبذلك فقد تطور إلى نظام سلطة شبه مستقرة (شبه دولة) .
ولكون هذا الإقليم يقع بعيدا عن مواقع الحضارة الإسلامية وعن البحار ومع أنه إقليم صحراوي قليل الموارد ؛ فقد بقي منعزلا جغرافيا وثقافيا ، حيث الحياة الاجتماعية والثقافية والبيئية لم تتغير أو تتأثر عما كانت عليه منذ الجاهلية ؛ وحتى قيام الدولة السعودية الأولى مع انتشار الدعوة الوهابية ؛ حيث دخلت منطقة جبال شمر ضمن هذه الدولة التي كانت عاصمتها الدرعية بعد سقوط حكم آل بقار العرفي والعريق ؛ وذلك بمقتل الشيخ كريم سبلا عام 1789 م ، وهذا أدى إلى انقسام شمر على أنفسهم متأثرين بالدعوة ومتنافسين على الرئاسة التي سقط هيكلها السليماني ، حيث انقسموا إلى جناحين كبيرين .
وفي معركة العدوة سنة 1205 هـ 1790 م بين: قوات الإمام ابن سعود ، يناصرهم جناح الصائح من شمر ؛ ضد المتزعم وقتها على جبال شمر وهو الشيخ / مطلق الجربا ، ويتبعه بقية قبيلة شمر في الجناح الآخر إضافة إلى مطير ومن قبائل أخرى ؛ وقد انتهت بنصر قوات الإمام ابن سعود ، مما حدا بالشيخ الجربا ومن معه إلى الهجرة إلى العراق .
قبل هذا التاريخ : كان النظام القبلي هو السائد في وسط جزيرة العرب ، وخاصة في نجد ، وكل قبيلة تمثل وحدة اجتماعية وسياسية بل وثقافية مستقلة ، والسلطة لشيوخ القبائل البدوية ، وملكية الأرض جماعية للقبيلة والقضاء العرفي هو الذي كان يتلاءم مع ذلك الواقع ؛ المبني أساسا على ما يلائم حياة الجمل وصاحب الجمل الذي كان يمثل العمود الفقري في كافة مناشط الحياة ، ومن حيث العلاقات بين القبائل والرعي وموارد المياه وتنظيم الغزو (الحرب) ، والحقوق الخاصة وكل شؤونهم تماما مثل الدستور حاليا .
اسم شمر كعصبة قبيلة :
ونظرا لوحدة الزعامة لهذا الحلف ومع الوقت والأحداث والهجرات والانقسامات والتحالفات الداخلية فقد تشكلت أفرع وجماعات من هذا الحلف ، وتبلورت في هيئة هيكل قبلي هرمي متشعب ، بحيث أصبح الداخلين في حلف شمر ينظرون لأنفسهم كقبيلة ذات وحدة اجتماعية وسياسية مركزها في جبال شمر وامتدادها واسعا خاصة نحو الشمال طريق الهجرات المتلاحقة من هذه القبيلة ، وهكذا فإن الانتماء إلى شمر له وجهان متساويان ومتكاملان الأول : انتماء مكاني إلى (ديار شمر) والثاني: انتماء بشري إلى قبيلة شمر .
وقد أطلق اسم شمر على مجموعة من العشائر المترابطة التي تقطن في (ديار شمر) أو (جبال شمر) في شمال وسط شبه جزيرة العرب ، ثم تمددت بفعل الهجرات نحو العراق وسوريا وبقي ما يعادل ربع القبيلة في نجد ونصف في العراق والربع الأخير في سوريا .

[تحرير] ثانيا: مراحل انقسامات قبيلة شمر وهجراتها تاريخيا :
بعد أن خلا المكان وتحققت السيادة شبه الكاملة للمنتصرين في حلف شمر بقياد شيوخ آل بقار ؛ بدأت النزاعات والصراعات الداخلية منها التي أدت إلى هجرة شيوخ آل قشعم من الضياغم ومن معهم بقيادة الشيخ / ثامر ابن قشعم ...وقد كان ذلك سنة 795هـ ــ 1393م ، وقد أصبح لهم شأنا هاما وسلطانا قويا في العراق.
وبعد انتصار قبيلة شمر العظيم على قبيلة سنبس من طيء ورحيلهم في حوالي القرن العاشر الهجري تنازعوا شمر على تقسيم أماكن الراحلين ، ثم حصل صراع أدى إلى رحيل شيوخ آل حسان وآل محمود وآل نصر الله ومعهم خلق من أتباعهم وقد حققوا مكانة وسؤددا في العراق .
قيام حلف آل بعير الذي تزعمه شيوخ آل بقار ، ثم انقسم هذا الحلف على نفسه فهاجر معظم ممثليه بقيادة شيوخ آل سراي إلى العراق .
وننتيجة لضعف سلطان آل بقار جاء ظهور وبروز كل من شيوخ آل طوالة وآل الجربا والصديد بزعامة الجربا ، ثم حصل صراع أدى إلى الانقسام فيما بينهم وقد انتهى إلى تكوين جناحين شبه متخاصمين في مواجهة الخطر الداهم المتمثل في الدعوة الوهابية وهما جناح الجربا وجناح الصائح .
انظم جناح الصائح إلى قوات السعوديين الذي كانوا يسمونه جيش المسلمين وذلك في حرب من كانوا يسمونهم جيش المشركين بقيادة الشيخ الجربا ويسمونه الطاغوت الأكبر ومن معه من شمر وغيرها وقد هزمهم جيش الإمام في معركة العدوة . 1205هـ 1790 م . وهاجر الجربا ومعه غالبية شمر إلى العراق وقد تزعم آل الجربا عموم شمر هناك . وهكذا يمكن القول: بأن شمر كقبيلة قد ماتت في نجد وانبعثت تحت زعامة الجربا في العراق .
وبعد قيام إمارة الجبل التابعة للإمام بن سعود في الدرعية متمثلة في عهدي كل من آل علي وآل رشيد فقد أصبحت هذه الإمارة تعمل وفقا للمنهج الوهابي في إقصاء شيوخ القبائل والضغط عليهم بالتكفير حيث اعتبروا شيوخ القبائل أشد كفرا من جهابذة كفار قريش وأنهم كالأصنام تماما ويحل دمهم ومالهم ونسائهم مع عدم الاعتراف بسلطانهم وبالتالي تم سحب البساط من تحتهم ، وبذلك انتهت المشيخة القبلية بصورتها الفعلية ؛ وبقيت كمسمى مسحوب الصلاحيات والامتيازات ، ولهذا فقد توالت الهجرات على دفعات متفاوتة تزيد تارة وتقل تارة وأكبرها ربما الذي حدث بعد سقوط إمارة آل رشيد في حائل على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن عام 1340 هـ.
[تحرير] ثالثا: أقسام قبيلة شمر وتفرعاتها حاليا :
تتعدد التفسيمات والتفريعات وفقا للأسس التي يستند إليها التقسيم ، فمن حيث الأصول الجينولوجية هناك من يقول: شمر الطائية وشمر القحطانية ، ومن حيث الموطن حاليا فهناك مقولة الشمرين : وتشير إلى شمر الجبل في نجد وشمر العراق وهم شمر الجربا وشمر الصائح وشمر طوقة ، وشمر سوريا هم شمر الحدود وشمر العمشات وشمر الهادي . أما من حيث النمط الاستيطاني والثقافي فهناك شمر البدو وشمر الحضر. وغير ذلك من التقسيمات .
أما التقسيم السائد فهو من حيث التفريعات التي تشير إلى الانتماءات القبلية المشتركة وهي كالآتي:
عشيرة آل أسلم وفروعهم :
عشيرة زوبع وفروعهم :
عشيرة عبدة وفروعهم :
[تحرير] رابعا: خصائص عامة تميزت بها هذه القبيلة عن غالبية القبائل الأخرى:
وسوف يتم تطوير المقالةمحمد نت 12:05، 14 مايو 2009 (ت.ع.م.)
[تحرير] مصادر ومراجع وروابط ذات علاقة بالمقالة :

الاثنين، 10 أغسطس 2009

ما بعد حرب غزة مختلف تماما (حرب كشف الأوراق)

ماذا بعد الحرب علي قطاع غزة ...؟ أغسطس 2009 إعـــــــــــدادد. ماهـر تيسير الطباعمديــــــر العلاقـــــات العامـةالغرفـــة التجاريـــة الفلســــــــطينية ماذا بعد الحرب على قطاع غزة ؟ لعل الجميع في قطاع غزة توقعوا بعد نهاية الحرب الأليمة وبعد أيام الخوف والرعب التي عاشها المواطنين في قطاع غزة وبعد العدد الكبير من الشهداء والجرحى والدمار الهائل التي خلفته الحرب على قطاع غزة بأن يحدث تغير في الواقع المرير الذي يعيشه المواطنون في قطاع غزة من معناه الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من عامين و بان يحدث انفراج كبير في قضية المعابر ولكن بعد مرور سبعة أشهر على انتهاء الحرب على قطاع غزة يبقى الحال على ما هو علية دون أي تقدم بل بالعكس وصلنا للاسوء . حيث خلفت الحرب دمارا اقتصادية هائلا في كافة قطاعات الإنتاج حيث طال المنشات الصناعية والتجارية والزراعية و الخدماتيه بالإضافة للتدمير الهائل في البنية التحتية والمنازل والمدارس والمساجد والمباني العامة. و تفائل المواطنون بمؤتمر شرم الشيخ لاعاده اعمار غزة وبالمليارات القادمة إلي غزة ولكن ......؟ومما يذكر بأن المانحين تعهدوا خلال مؤتمر شرم الشيخ بتقديم 4.5 مليار دولار لاعاده اعمار قطاع غزة لم يصل إلى القطاع منها شيئا حتى الآن بسبب الحصار المفروض على القطاع . وحسب التقديرات الأولية للجهاز المركزي للإحصاء فقد بلغت خسائر قطاع غزة الاقتصادية المباشرة ما يزيد عن 1.9 مليار دولار خلال فترة العدوان. و استهدفت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة المنشآت الاقتصادية بشكل متعمد وغير مبرر وبلغ عدد المنشآت الاقتصادية التي تضررت نتيجة العدوان وبناء على التقرير الأولي الصادر من المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص في شهر فبراير من العام الحالي بأكثر من 700 منشأه اقتصاديه حيث بلغ عدد المنشآت التي تضررت بشكل جزئي 432 منشأه والمنشات التي تضررت بشكل كلي 268 منشأه موزعة على مختلف القطاعات الاقتصادية .وبلغت إجمالي خسائر القطاع الخاص المباشرة الأولية حسب تقديرات المتضررين حوالي 183 مليون دولار . و حتى هذا اللحظة وبعد مرور 7 شهور على انتهاء الحرب علي قطاع غزة مازال القطاع الخاص ينتظر نتيجة حصر الأضرار والتقييم الفعلي للخسائر من قبل الجهة المخولة بذلك والتي لم يصدر منها أي بيان بهذا الخصوص حتى هذه اللحظة. القطاع التجاري عاني القطاع التجاري من الحصار الشامل طوال 26 شهر و أوشك القطاع التجاري علي الانهيار وذلك نتيجة للنقص الشديد في البضائع المتوفرة في الأسواق وأوشكت المحال التجارية على إغلاق أبوابها وبدأ التجار والمستوردون يشعرون باليأس من وصول بضائعهم المحجوزة في الموانئ والمخازن الإسرائيلية وأصبح التجار والمستوردون الفلسطينيون في قطاع غزة على شفا الإفلاس بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة . وقدرت الخسائر المباشرة للمستوردين بحوالي 10 مليون دولار أمريكي نتيجة الرسوم الإضافية علي البضائع من أرضيات الميناء و أجرة الحاويات وتكاليف التفريغ والتخزين علما بأن المستورد يدفع أجرة تخزين فقط للحاوية الواحدة ما يعادل 300 دولار شهريا أي أن تكلفة تخزين الحاوية الواحدة خلال فترة عامين من الحصار 7200 دولار لكل حاوية تقريبا . وقدرت قيمة البضائع الخاصة لمستوردي قطاع غزة بما يعادل 100 مليون دولار وهذه هي عبارة عن أموال مجمدة للمستوردين علي مدار العامين السابقين وهي قيمة 1750 حاوية للمستوردين مخزنة في مخازن الموانئ الإسرائيلية ومخازن خاصة في إسرائيل والضفة الغربية . ومن الآثار السلبية والخسائر الغير مباشرة التي تعرض لها المستوردون هي إلغاء الوكالات والعلامات التجارية العالمية والعربية الخاصة بمستوردين قطاع غزة نتيجة عدم الإيفاء بالتزاماتهم مع الشركات والعودة في المستقبل للتعامل مع المستورد الإسرائيلي مما يتسبب في ضياع إيرادات السلطة من الجمارك والضرائب المحصلة من الاستيراد المباشر. وتوقفت حركة التصدير من القطاع بشكل تام وخسرت المنتجات الزراعية والصناعية الأسواق العربية والعالمية مما تسبب بخسائر فادحة للمصدرين . واتت الحرب الإسرائيلية علي غزة لتزيد الوضع سوءا حيث تضررت أكثر من 247 منشأه تجارية نتيجة القصف المباشر والغير مباشر والتجريف.وبلغت الخسائر الأولية المباشرة للقطاع التجاري نتيجة الحرب حوالي 25 مليون دولار أمريكي. و بعد الحرب تعرض المستوردين والتجار لفاجعة جديدة وهي حريق مخزن كرم أبو سالم وذلك يوم الخميس الموافق 26/2/2009 وآتي الحريق على كافة البضائع الموجودة في المخزن والممنوعة من الدخول إلى قطاع غزة نتيجة الحصار المفروض على القطاع منذ عامين وتضرر من الحريق 53 تاجر ومستورد وبلغ إجمالي عدد الشاحنات المحروقة 125 شاحنة تحتوي على أصناف عديدة .وبلغت إجمالي خسارة التجار والمستوردين في الحريق ما يعادل 7 سبعة مليون دولار أمريكي تضاف إلى الخسائر التي يتكبدها المستوردين منذ عامين نتيجة عدم السماح بدخول بضائعهم إلى قطاع غزة .القطاع الصناعييعتبر قطاع الصناعة الفلسطينية من القطاعات الهامة التي تساهم مساهمة فاعلة في تشكيل الناتج المحلي الإجمالي, إذ ساهم هذا القطاع بما نستبه 17.4% في الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 1999 ومن ثم تراجعت هذه النسبة لتصل إلى نحو 12% في العام 2006. واستمرت بالتراجع في عامي 2007- 2008 نتيجة زيادة فترات الإغلاق للمعابر التجارية والقيود المفروضة على حركة الاستيراد والتصدير و الحصار المفروض علي قطاع غزة.و تأثر القطاع الصناعي بالحصار الخانق حيث حرم من المواد الخام الأولية الضرورية لعملية الإنتاج وحرم أيضا من تصدير المنتجات الجاهزة للخارج وأدى ذلك إلي إغلاق 95% من المنشآت الصناعية ما يقارب من 3700 مصنع من مجموع 3900 منشأة صناعية وباقي المصانع العاملة تعمل بطاقة إنتاجية لا تزيد عن 15 % و تأثرت مبيعات المصانع العاملة بضعف القدرة الشرائية لدي المواطنين و بلغ عدد العاملين في القطاع الصناعي قبل الحصار 35,000 عامل و بعد الحصار انخفض عدد العاملين في القطاع الصناعي ليصل إلي أقل 1500 عامل في مختلف القطاعات الصناعية . وتعمدت اله الحرب الإسرائيلية إلي تدمير القطاع الصناعي حيث تم استهداف ما يزيد عن 236 منشأه صناعية خلال فترة الحرب علي غزة وبلغت الخسائر الأولية المباشرة للقطاع الصناعي نتيجة الحرب حوالي 57 مليون دولار أمريكي حسب تقديرات أصحاب المنشآت الصناعية. منطقة غزة الصناعية طال إغلاق المعابر التجارية أهم المشاريع الاستثمارية في قطاع غزة وهو منطقة غزة الصناعية والتي بدأ العمل فيها في عام 1999 و تضم المنطقة الصناعية 45 مصنعا, أغلقت كليا ولم يعد هناك أي مصنع يعمل فيها. كما أن العديد من أصحاب هذه المصانع يعمل حاليا على إنهاء ارتباطاته بالمنطقة الصناعية في محاولة للحاق بزبائنهم وعدم فقدانهم , وذلك من خلال محاولتهم المستمرة لنقل نشاطهم إلى الخارج , علما بان 30% من أصحاب هذه المصانع باشروا بإجراءات الهجرة.و مما يذكر بأن إجمالي كلفة مشروع منطقة غزة الصناعية يقدر بنحو 30 مليون دولار , نفذت فعليا منه المرحلة الأولى بكلفة 18 مليون دولار , واستهدف المشروع تشغيل نحو 25 ألف عامل , في حين أن إجمالي ما تم تشغيله خلال السنوات الماضية نحو 2500 عامل , وانخفض هذا العدد العام الماضي إلى 1800 عامل , ليواصل انخفاضة خلال الأشهر الستة الأولي من العام الحالي لنحو 300 عامل , كما اثر إغلاق المعابر وضعف الفرص الاستثمارية على إمكانية إقامة مناطق صناعية جديدة في قطاع غزة وتطوير وتنمية المناطق الصناعية الموجودة فعليا. قطاع الإنشاءات والمقاولاتيعتبر قطاع الإنشاءات والمقاولات من أهم القطاعات الإنتاجية حيث يشغل ما يقارب (22%) من الطاقة العاملة في قطاع غزة، كما أن شركات القطاع الخاص تعمل على استيعاب وتشغيل عدد كبير من المهندسين والفنيين.و بلغ مجموع المشاريع في قطاع البناء والإنشاءات والبنية التحتية التي تم إيقافها وتعطيلها نتيجة عدم توفر المواد الخام بنحو 370 مليون دولار بما فيها مشاريع وكاله الغوث الاونروا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبلديات ومشاريع أخرى للقطاع الخاص.حيث توقفت جميع مشاريع البناء والتطوير التي تنفذها الاونروا والتي تشكل مصدر دخل لما يزيد عن 121 ألف شخص وتعتبر مصدرا حيويا للوظائف في سوق غزة الذي يعاني من البطالة والفقر , وتقدر تكلفة المشاريع التي تم إيقافها بسبب نقص المواد الخام ولوازم البناء من الاسمنت والحديد و الحصمة بحوالي 93 مليون دولار.و توقفت جميع المشاريع الإنشائية والعمرانية والتطويرية الخاصة والعامة ومشاريع البنية التحتية نتيجة عدم وجود مواد البناء ومن أهم المشاريع التي أوقفت مشروع تطوير شارع صلاح الدين بتكلفة إجمالية تقدر بحوالي 18 مليون دولار , كذلك أوقف العمل بمشروع تطوير شارع النصر والذي يعتبر من الشوارع التجارية الرئيسية في قطاع غزة ويربط وسط المدينة بشمالها والذي أصبح الآن وبعد مرور عامين من الحصار من الشوارع شبهة المهجورة .ولحق الضرر بالصناعات الإنشائية المساندة لقطاع الإنشاءات والمقاولات فتوقفت جميع مصانع البناء والتي تشغل أكثر من 3500 عامل و موظف , 13 مصنع بلاط – 250 مصنع بلوك – 30 مصنع باطون جاهزة – مصانع الانترلوك – 145 مصنع رخام وجرانيت و مصانع أنابيب الصرف الصحي والمناهل عن العمل تماما.كما توقفت شركات المقاولات والإنشاءات العاملة في قطاع غزة والبالغ عددها 220 شركة عن العمل تماما وتكبدت خسائر فادحة نتيجة تجميد المشاريع قيد الإنشاء وأصاب التلف جميع المعدات والآلات الخاصة بهذه الشركات.وتعمدت اله الحرب الإسرائيلية إلي تدمير ما تبقي من قطاع الإنشاءات حيث تم استهداف ما يزيد عن 61 منشأه خلال فترة الحرب علي غزة وبلغت الخسائر الأولية المباشرة لقطاع الإنشاءات نتيجة الحرب حوالي 27 مليون دولار أمريكي حسب تقديرات أصحاب المنشآت. وتضررت أكثر من 58 شركة من شركات المقاولات خلال فترة الحرب وبلغت إجمالي خسائر شركات المقاولات نتيجة الحرب 6 مليون دولار أمريكي . القطاع الزراعي يوفر القطاع الزراعي وظائف دائمة ومؤقتة لأكثر من 40 أربعين ألف عامل في غزة ويوفر الغذاء والحياة المعيشية ل 25% من سكان في قطاع غزة. إن الدمار الذي لحق بالقطاع الزراعي قد فاقم مشكلات الإنتاج الغذائي الـمترتِّبة على 26 شهراً من الإغلاق القسري لحدود قطاع غزة، حيث ارتفعت أسعار الـمدخلات الزراعية بقوة و لـم تعد مُتاحة مطلقاً، وثمة قيودٌ مفروضة على الوصول إلى الأراضي ومناطق الصيد البحرية ، كما تقلّصت كميات الواردات الزراعية و توقفت الصادرات الزراعية بشكل كامل. وبلغت الخسائر المباشرة للقطاع الزراعي نتيجة الحرب علي قطاع غزة حسب التقديرات الأولية 200 مليون دولار , حيث وصلت خسائر الإنتاج الحيواني إلي 52 مليون دولار والإنتاج النباتي إلي 110 مليون دولار بالإضافة إلي القطاع البحري والتي وصلت إلي 7 مليون دولار بالإضافة إلي تدمير نحو 1000 بئر زراعي بالإضافة إلي تدمير مزارع الدواجن وفقاسات البيض علما بان إعادة بناء هذه المزارع سيحتاج إلى عشرات الملايين من الدولارات و إلي العديد من السنوات.وقامت قوات الاحتلال خلال فترة العدوان بتجريف ما يزيد على 3000 ثلاثة ألف دونم من الأراضي الزراعية المتميزة ، وأن عدد الأشجار المعمرة التي تم اقتلاعها يقارب المليون شجرة مثمرة متوسط أعمارها يزيد على عشرين سنة وأصبح معظم أصحاب الأراضي الزراعية المجرفة عاطلين عن العمل ويواجهون ظروفاً قاسية بعد توقف مصدر دخلهم الوحيد وتدهور وضعهم الاقتصادي .القطاع المصرفيتراجع أداء القطاع المصرفي الفلسطيني في محافظات غزة نتيجة إغلاق المعابر حيث تعطلت عمليات نقل الشيكات ونقل الأموال السائلة إلي محافظات غزة ويعاني قطاع غزة اليوم من أزمة خانقة في عدم توفر الدولار والدينار الأردني لدي البنوك وتوقفت الاعتمادات المستندية نتيجة توقف الاستيراد و الكفالات الخاصة بالمشاريع واقتصر عمل البنوك على أنشطة السحب والإيداع والتحويلات وأصبحت البنوك تعمل بأقل من 40 % من طاقتها , وتفاقمت المشكلة نتيجة قطع البنوك الإسرائيلية تعاملاتها مع البنوك الفلسطينية وتأتي هذه الخطوة لتؤثر بالسلب على الاقتصاد الفلسطيني المدمر.و انخفضت التسهيلات الائتمانية التي تقدمها البنوك العاملة في قطاع غزة بحوالي 80%حيث توقف منح التسهيلات لموظفي القطاع العام وجزء كبير من موظفي القطاع الخاص.وأصبحت معظم البنوك في محافظات غزة لا تمتلك السيولة النقدية من العملات المختلفة ومهدده بإغلاق أبوابها أمام المراجعين والمودعين نتيجة عدم الإيفاء بالتزاماتها وذلك في حال عدم سماح الجانب الإسرائيلي بدخول الأموال إلي غزة.قطاع السياحة تلعب السياحة دوراً مهما وبارزاً في اقتصاديات معظم دول العالم إذ تعتمد عليها هذه الدول اعتماداً أساسياً كمصدر مهم من مصادر الدخل القومي.أما في قطاع غزة ونتيجة للحصار فقد أصاب القطاع السياحي شلل كامل وأوشكت شركات ومكاتب السياحة والسفر والبالغ عددها 39 شركة و مكتب على الإفلاس نتيجة إغلاق المعابر وعدم حرية السفر, كما أصاب الضرر أصحاب الفنادق السياحية والبالغ عددها 12 فندق سياحي تحتوي على 423 غرفة جاهزة لاستقبال النزلاء وتدنت نسبة الإشغال إلي الصفر نتيجة لإغلاق المعابر و تأثرت المطاعم السياحية والبالغ عددها 35 مطعم سياحي وأصبحت جميعها مهدد بالإغلاق نتيجة عدم تغطية المصاريف الجارية اليومية مما أدي إلي فقدان أكثر من 500 عامل لعملهم في المنشآت السياحية.كما أدي الحصار الخانق إلى ضياع فرص الاستثمارات في التنمية السياحية وهروب الاستثمارات الأجنبية والمحلية إلى الخارج وتوقف السياحة الداخلية بين الضفة الغربية و قطاع غزة وتوقف السياحة الفلسطينية من المغتربين بالدول العربية والخارج .وقامت قوات الاحتلال خلال فترة الحرب علي غزة باستهداف الفنادق والتي تقع على شاطئ غزة وبلغ عدد المنشأت السياحية المستهدفه 39 منشأه , وبلغت الخسائر الأولية المباشرة للقطاع السياحي نتيجة الحرب حوالي 4 مليون دولار أمريكي.قطاع الاستثمار نتيجة لسياسة الحصار المالي والاقتصادي الإسرائيلي و إغلاق المعابر أصيب قطاع الاستثمار في فلسطين بشكل عام و في محافظات غزة بشكل خاص بانتكاسة كبيرة حيث أن تدمير هذا القطاع هو أحد أهم أهداف السياسة الإسرائيلية الراهنة وتعد خسائر قطاع الاستثمار من أسوأ الخسائر التي لحقت بالاقتصاد الفلسطيني وسوف تترك الحرب الاسرائيلية الاخيرة على قطاع غزة أثار سلبية على قطاع الاستثمار المحلى والعربي والدولي ومن الاثار السلبية : ـ هروب رؤوس الأموال المحلية للدول المجاورة للبحث عن الاستقرار السياسي والاقتصاديـ هروب العديد من الشركات الأجنبية العاملة في المجال الاستثماري في فلسطين ـ إلغاء استثمارات أجنبية وفلسطينية وعربية كانت تحت الإعداد النهائي ـ توقف العمل في توسيع المناطق الصناعية الحرة والعديد من المشاريع الاستثمارية ـ خسارة كل ما أنفقته السلطة الوطنية الفلسطينية لتسويق فلسطين عالمياً وتشجيع الاستثمار لجذب المستثمرين، ونتيجة للسياسة الإسرائيلية الحالية فقد ذهبت كل هذه الجهود والنفقات أدراج الرياح وسيحتاج الأمر لعدة سنوات لإعادة الأمور إلى نصابها وإعادة الثقة لدى المستثمرين في المناخ الاستثماري الفلسطيني إن وجد في المستقبل . ومن أهم تداعيات الحصار المفروض على قطاع غزة · انهيار الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة وتكبده خسائر تقدر بأكثر من مليار ونصف مليون دولار · إغلاق 95% من المنشآت الصناعية ما يقارب من 3700 مصنع من مجموع 3900 منشأة صناعية وباقي المصانع العاملة تعمل بطاقة إنتاجية لا تزيد عن 20 %.· إغلاق منطقة غزة الصناعية والتي بدأ العمل فيها في عام 1999 و تضم المنطقة الصناعية 45 مصنعا وكانت تشغل ما يزيد عن 2500 عامل.· نفاذ السيولة النقدية من البنوك و تراجع أداء القطاع المصرفي بنسبه تزيد عن 60 %.· احتجاز أكثر من 1750 حاويه لمستوردين قطاع غزة في ميناء أسدود منذ عامين وأصبحت العديد من البضائع غير صالحة نتيجة قرب انتهاء تاريخ الصلاحية وسوء عملية التخزين.· وقف عمليات التصدير الخارجي للمنتجات الزراعية و الصناعية بشكل تام من قطاع غزة.· توقف عمليات الاستيراد المباشر مما سوف يوثر بالسلب على تعاقدات المستوردين المستقبلية و فقدان الوكالات التجارية الأجنبية والعربية الممنوحة لمستوردي غزة.· هجرة رؤوس الأموال المحلية للدول المجاورة للبحث عن الاستقرار السياسي والاقتصادي .· أصبح شبح الفقر يخيم علي قطاع غزة ويغطي 90 % من سكانه .· تعليق تنفيذ مشاريع بناء وبنية تحتية بقيمة 370 مليون دولار نتيجة عدم توافر مواد البناء.· ارتفاع معدلات البطالة إلى أعلى مستوياتها حيث قدرت بنحو 75 %.· ارتفاع جنوني بالأسعار بنسبة تتراوح من 30 % إلى 1000 % في بعض الأصناف.· تسريح أكثر من 75 ألف عامل كانوا يعملون في شركات ومؤسسات القطاع الخاص بغزة.· توقف التصدير الزراعي تماما مما سوف يؤثر على 40 ألف عامل يعملون في القطاع الزراعي تعطيل 90 % من قطاع النقل التجاري حيث يعتمد قطاع النقل على حركة البضائع الواردة و الصادرة . خسائر فادحة في الثروة الحيوانية بسبب نقص الأعلاف واللقاحات البيطرية والأدوية .الضرر بالمسيرة التعليمية نتيجة النقص الشديد في الكتب المدرسية والجامعية و القرطاسية والمطبوعات والفصول الدراسية.هجرة الكفاءات الفلسطينية للخارج بسبب الأوضاع الاقتصادية والسياسية والحصار.يرد إلي قطاع غزة حاليا 34 صنف من المواد الغذائية الأساسية مقابل ما يزيد عن 9000 صنف من مختلف الأصناف كانت ترد إلي قطاع غزة عبر معبر المنطار قبل الحصار.يدخل إلي قطاع غزة يوميا مابين 50 إلي 100 شاحنة من الأصناف المسموحه مقابل ما يزيد عن 400 شاحنة يوميا كانت تدخل إلي قطاع غزة قبل الحصار.اعتماد 85% من سكان قطاع غزة على المساعدات المقدمة من وكالة الغوث ومنظمة الغذاء العالمي وبعض الجمعيات الخيرية. التوصيات بعد عامين من الحصار والحرب الأخيرة على قطاع غزة يجب إعلان قطاع غزة كمنطقة منكوبة اقتصاديا وصحيا واجتماعيا و التحرك الفوري لوقف العقوبات الجماعية، التي تنفذها قوات الاحتلال بحق السكان الفلسطينيين، وإجبارها علي احترام التزاماتها بموجب الاتفاقيات الدولية الموقعة، ورفع الحصار المفروض علي قطاع غزة . مطالبة المؤسسات الدولية الداعمة والمانحة للشعب الفلسطيني بتوفير برامج إغاثة فورية و عاجلة لمحاربة الزيادة المتنامية في معدلات البطالة والفقر في المجتمع الفلسطيني . مطالبه المؤسسات الدولية التي تهتم بالتنمية الاقتصادية بتوفير برامج إغاثة عاجلة للقطاع الخاص الفلسطيني في قطاع غزة بمختلف شرائحه وذلك لمساعدته على الصمود في وجه الحصار وإغلاق المعابر.ضرورة العمل علي إيجاد حلول جذريه ونهائية لقضية المعابر بحيث تعمل علي مدار الساعة ودون عوائق وذلك لتوفير البيئة الاستثمارية للاقتصاد الفلسطيني في فلسطين و قطاع غزة بوجه الخصوص.ضرورة العمل الفوري والسريع لإيجاد آلية لإدخال البضائع العالقة في مخازن المواني الإسرائيلية ومخازن خاصة في الضفة الغربية وإسرائيل كذلك إيجاد آلية سريعة لخروج البضائع الجاهزة والمعدة للتصدير من قطاع غزة وذلك لتخفيف الخسائر عن المستوردين و المصدرين.ضرورة العمل الجدي على توقيع اتفاقية تجارية جديدة مع الجانب الإسرائيلي أو العمل على تطوير اتفاقية باريس الاقتصادية بما يتلاءم مع المتغيرات الحالية و ضرورة إعطاء أولوية للجوانب الاقتصادية والمعابر في أي اتفاقية سياسية مستقبلية وإعطاء ضمانات بحرية حركة البضائع علي المعابر التجارية وحرية حركة الإفراد علي المعابر الدولية على مدار العام.مطالبة المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي بالخروج عن صمتهما و القيام بواجباتهم القانونية و الإنسانية نحو السكان المدنيين في قطاع غزة وتوفير احتياجاتهم الأساسية وتحريرهم من أكبر سجن في التاريخ من حيث المساحة و عدد السجناء . مناشداً كافة الدول العربية الشقيقة والدول المانحة إلى سرعة الوفاء بالالتزامات التي تعهدت بتقديمها خلال مؤتمري باريس وشرم الشيخ حتى تتمكن السلطة الوطنية من الوفاء بالتزاماتها تجاه أبناء الشعب الفلسطيني وخاصة إعادة اعمار قطاع غزة.

د. ماهر تيسير الطباعDr. Maher Al-Tabbaa مدونة الاقتصاد الفلسطيني
http://smartsoft.maktoobblog.com

الأحد، 9 أغسطس 2009

ظاهرة التغير الاجتماعي

عندما كانت ظاهرة التغير والحركة ، ظاهرة ملموسة ، ودائمة ومستمرة دون توقف ؛ فنجدها قد أخذت مكان الصدارة من التفكير البشري ، وذلك منذ فجر الحضارات الإنسانية بصفة عامة وحتى يومنا هذا ، وعلى الرغم من هذا الاهتمام المبكر والمستمر من قبل المفكرين، فإن مفهوم التغير قد عولج من قبل أولئك المفكرين من منظورات وتصورات مختلفة ، وذلك تبعاً للاتجاهات الفكرية ولأيديولوجيات السائدة في كل مجتمع ، وفي كل عصر من العصور .وما يجمع عليه المفكرون هو أن التغير الاجتماعي ظاهرة اجتماعية(Social phenomenon) ، وحقيقة لا تقبل الشك ، فالمجتمع بطبيعته متغير , فهو يأخذ من الجيل السابق جوانب ثقافية ويضيف عليها تمشياً مع واقعه الاجتماعي ومتطلباته المستجدة .
وتعتبر ظاهرة التغير في الوقت الماثل من أهم المسائل التي تشغل الفكر الاجتماعي الحديث , وخاصة بعد الحربين العالميتين , فقد أخذت الجهود تتجه نحو التغيير المخطط من أجل إحداث تنمية حقيقية هادفة ، وهكذا فلم يعد حدوث التغير يسير تلقائياً دون توجيه واع , وإنما يتم وفق خطة مدروسة ، فهو إذا تغيير مقصود وإرادي وأصبحت المجتمعات في العصر الحاضر تستحدث المناهج والوسائل من أجل توجيه عملية التغير نحو إحداث وتحقيق التنمية بوجه عام ، وهذا يستدعي تحديد مفهومه تحديداً موضوعياً دقيقاً ، ومعرفة آلياته وأنماطه واتجاهاته وعوامله وموجهاته وعوائقـه ، إلى غير ذلك من الجوانب التي من شأنها تعميق الفهم اللازم لهذه الظاهرة الهامة . وهنا سوف نتناول مفهم التغير ومصادره أو آلياته .
== '''مفهـوم التغـير الاجتمـاعي:''' ==
التغير لغة :كما جاء في لسان العرب " تغير الشيء عن حاله: تحول. وغَيَّرَهُ : حولَّـه وبدَّله ، كأنه جعله غير ما كان . وفي التنزيل العزيز:(ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم ).(الأنفال / 53) قال ثعلب: حتى يبدلوا ما أمرهم الله…إلى أن قال : وغِيَر الدهر : أحواله المتغيرة .."(ابن منظور، ج2،ص1035).
والتغير يشير إلى الاختلاف الكمي أو الكيفي ما بين الحالة الجديدة والحالة القديمة أو اختلاف الشيء عما كان عليه ، في خلال فترة محددة من الزمن . وعندما تضاف كلمة الاجتماعي يصبح " التغير الاجتماعي Social Change " هو : التغير الذي يحدث داخل المجتمع أو التحول الذي يطرأ على أي من جوانب المجتمع خلال فترة زمنية محددة . إلا أنه ليست كل التغيرات التي تطرأ على المجتمع هي تغيرات اجتماعية ، فهناك تغيرات عديدة في المجتمع في جانبي الثقافة : المادي والمعنـوي . وهناك اختلاف في أنماط العلاقات بين الأفراد والجماعات ، واختلاف في الوظائف والأدوار الاجتماعية وفي الأنظمة والقيم والعادات والتقاليد وفي الأدوات المستخدمة والخبرات ..الخ . فما هو التغير الاجتماعي بين تلك التغيرات التي تحدث داخل المجتمع ؟
• للإجابة على هذا السؤال : نجد للتغير الاجتماعي عند "غي روشيه Guy Rocher " أربع صفات . وهذه الصفات هي :1. التغير الاجتماعي ظاهرة عامة ومنتشرة لدى فئات واسعة من المجتمع بحيث يغير مسار حياتها .2. التغير الاجتماعي كل تحول يصيب البناء الاجتماعي .3. يكون التغير الاجتماعي محدداً بفترة زمنية معينة .4. يتصف التغير الاجتماعي بالديمومة والاستمرارية ، أي ليس مؤقتاً سريع الزوال حيث يصعب فهمه .
ويشير "عاطف غيث " إلى أن التغيرات الاجتماعية هي التي تحدث في التنظيم الاجتماعي ، وتأتي على عدة أشكال وهي :1- التغير في القيم الاجتماعية , تلك القيم التي تؤثر بطريقة مباشرة في مضمون الأدوار الاجتماعية ومعايير التفاعل الاجتماعي .2- التغير في النظام الاجتماعي أي في البناءات المحددة مثل صور التنظيم ومضمون الأدوار .3- التغير في مراكز الأشخاص , ويحدث ذلك بحكم التقدم في السن أو نتيجة الموت .والمفكرون متفقون حول النظرة العامة لماهية التغير الاجتماعي الذي هو : كل تغير يطرأ على البناء الاجتماعي في الوظائف والقيم والأدوار الاجتماعية خلال فترة محددة من الزمن . وقد يكون هذا التغير إيجابياً أي تقدماً وقد يكون سلبياً أي تخلفاً ، وقد يكون سريعاً ومفاجئاً أو بطيئاً وتدريجياً أو زيادة أو نقصان ... أي ليس هناك من اتجاه أو نمط محدد للتغير الاجتماعي .

== '''أنماط التغير الاجتماعي ومصطلحاته:''' ==
يعتبر مصطلح التغير الاجتماعي مصطلحاً حديثاً نسبياً بوصفه دراسة علمية ، ولكنه قديم من حيث الاهتمام به وملاحظته . ولقد تطور مفهوم التغير الاجتماعي ماراً باتجاهات ومراحل متعددة ، تعددت معها المفاهيم والمصطلحات المشابهة لهذا المفهوم ، والمتداخلة فيما بينها إلى درجة كبيرة .\
ومفهوم التغير لم يستخدم بشكل محدد إلا بعد أن تطورت مناقشة نظريتي التقدم ، والتطور في علم الاجتماع المعاصر حيث اتجهت هذه المناقشة إلى اتجاهين رئيسيين الأول منهما انطوى على إحياء النظرية الدورية في التاريخ على يد كل من " شبنجلر" في كتابه عن " تدهور الغرب " و " سوروكين " في كتابه عن " الديناميات الاجتماعية والثقافية " أما الثانى فقد اتجه إلى طرح اصطلاح التقدم الاجتماعي كلية وإحلال اصطلاح التغير الاجتماعي محله ، ولعل " وليام أوجبرن " هو الذي ساهم في انتشار هذا المصطلح وذلك عام 1922م في كتابه " التغير الاجتماعي " وهذا المصطلح الجديد هو الذي حل مشكلة التداخل في استعمال المصطلحات والمفاهيم المتداخلة، والمتضمنة في مفهوم التغير الشامل ، حيث كان هناك مزجاً بن مفاهيم ( [[الإصلاح الاجتماعي]] Social Reform ) و(الثورة الاجتماعية Social Revolution ) و (النمو الاجتماعي Social Grouth ) و (التطور الاجتماعي Social Evolution ) و ( التقدم الاجتماعي Social Progress) و (التحديث Modernization) و (التحضر Urbanization ) و (التنمية Development)و (التصنيع Industrialization) و (التغريب أو التشبه بالغرب Westernization ) إلى غير ذلك من المصطلحات والتصورات المشابهة ذات الصلة بمفهوم التغير الاجتماعي الو اسع .
== '''التقدم الاجتماعي:''' ==
استعمل اصطلاح "[[التقدم الاجتماعي]] Social Progress " في البداية باعتباره مرادفاً لمصطلح التغير الاجتماعي، وقد جاء ذلك واضحاً في كتابات أوجست كونت ، وكوندرسه، وتيرجو ، وغيرهم .وينطوي التقدم على مراحل ارتقائية ، أي أن كل مرحلة تكون أفضل من سابقتها. وهو يشير إلى انتقال المجتمع إلى مرحلة أفضل من حيث الثقافة والقدرة الإنتاجية والسيطرة على الطبيعة .
ويعرف بأنه العملية التي تأخذ شكلاً محدداً واتجاهاً واحداً مستقيماً يتضمن توجيهاً واعياً مخططاً ومقصوداً لتوجيه عملية التغير نحو الأمـام بهدف تحقيق بعض الأهداف المرسومة والمنشودة والمقبولة ، أو الأهداف الموضوعية التي تنشد خيراً أو تنتهي إلى نفع .ومفهوم التقدم يتضمن مدخلاً معيارياً قيمياً للحكم على الأحداث الاجتماعية حيث يعتقد معظم مفكري كل عصر أن التقدم الذي وصلت إليه مجتمعاتهم الراهنة أفضل مما كانت عليه في السابق ، ومع بداية العصور الحديثة ظهرت حركة فكرية تدعو إلى التفاؤل في المستقبل ، كما أن فكرة التقدم تحمل مضموناً نسبياً فقد تتغير بتبدل الأحوال والأزمنة ، فالتقدم في مجتمع أو عصر قد يكون تخلفاً بمفهوم مجتمع أو زمان آخر ، حيث يدخل الجانب الخلقي، فالأهداف المحققة نتيجة للتقدم تختلف النظرة إليها، نظراً لصعوبة قياس الأهداف ناهيك عن صعوبة حصر الوسائل المؤدية إليها.
وقد بين ويل ديورنت أن الإنسانية في خلال تقدمها الاجتماعي الارتقائي قد مرت بعدة مراحل هي : -
النطق > النار > استئناس الحيوان > الزراعة > التنظيم الاجتماعي > الأخلاق > الآلات- الصناعة > العلوم > التربية > الكتابة.ويرى فونتينل " أن تجمع المعرفة الإنسانية يساعد في التقدم المستمر للإنسانية ، ويتفق معه في ذلك ، كل من بودان ، وكوندرسه وكانت. ولهذا بدأت تظهر نظريات التقدم الاجتماعي مع ظهور الثورة الصناعية التي أدت إلى ظهور فلسفة التقدم بوجه عام .ويعرف هوبهاوس التقدم "بأنه نمو اجتماعي للجوانب الكمية والكيفية في حياة الإنسان " .ويذهب كاريف بأن التقدم "هو تطور تدريجي يدل على نمو المجتمع وتصاحبه مؤشرات تدل على مدى التقدم ".ويتبين من مجمل التعاريف السابقة أن التقدم الاجتماعي يعني تطور الجوانب المادية والفكرية للمجتمع ، وهو يحمل معنى معيارياً قيمياً. كما يتضح بأنه نسبي وارتقائي ومستمر. فهو يعني التحسن المستمر الدائم. وكذلك فهو تطور تدريجي يدل على نوع من النمو الاجتماعي للجوانب الكمية والكيفية في حياة الإنسان والمجتمع .
ومن هنا يستدل على الاختلاف بين المفهومين : "التقدم الاجتماعي Social Progress " و"التغير الاجتماعي Social Change" حيث أن الأول يحمل معنى التحسن المستمر نحو الأمام أي أنه يسير في خط صاعد ، ويكون في الغالب تغيراً مرحلياً إيجابياً ، بينما التغير قد يكون إيجابياً أو سلبياً، فقد يكون تقدماً إلى الأمام وقد يكون تأخراً ونكوصاً ، إذاً فهو عملية التحول من حال إلى حال أخرى ، وهكذا فإن التقدم عبارة عن حالة من حالات التغير ، ولكن التغير ليس بالضرورة تقدماً موجباً ، حيث قد يتجه نحو العكس من ذلك تماماً . وبالتالي يكون مصطلح التغير أكثر علمية ، لأنه يتوافق وواقع المجتمعات (واقع التقدم وواقع التخلف) فالمجتمعات ليست دائماً في تقدم مستمر وإنما يعتريها التخلف أيضاً .
== '''التطـور الاجتمـاعي:''' ==
لقد استعمل مفهوم "التطور الاجتماعي Social Evolution " بشكل واسع في العلوم الاجتماعية، وفي علم الاجتماع بشكل خاص، بعد أن وضع "دارون " كتابه المعروف "بأصل الأنواع " عام 1859م، مبيناً فيه نظريته التطورية البيولوجية للكائنات الحية .ومفهوم "التطور الاجتماعي Social Evolution " يعني النمو أو التقدم المتدرج البطيء (دون طفرات ) الذي يؤدي إلى تحولات منتظمة ومتلاحقة ، تمر بمراحل مختلفة ترتبط فيها كل مرحلة لاحقة بالمرحلة السابقة التي تمهد لها وتعد ضرورية لحدوثها .ويعرفه معجم علم الاجتماع "بالعملية التي بموجبها تحقق المجتمعات الإنسانية نمواً مستمراً مروراً بمراحل متلاحقة مترابطة ".وهكذا فالتطور هو الانتقال التدريجي كمياً أو كيفياً وفقاً لمراحل محددة ومتوقعة مسبقاً ، أي من مرحلة محددة المعالم إلى مرحلة تالية كالانتقال مثلاً من طور البداوة إلى الطور الريفي ثم إلى الطور الحضري ولكن التغير هو مجرد التحول الذي يحدث في الحياة الاجتماعية ، وما يرتبط به من علاقات وتفاعلات أيا كانت درجته أو مداه أو شكله وبذلك فان التطور يعنى تغيراً ، ولكن التغير قد لا يكون تطوراً ، بمعنى أن التطور إنما يعبر عن حالة التغير إلى أشكال مرحلية متوقعة وممكنة وسواء كان الحكم عليها موجباً أم سالباً وأبرز مثال على ذلك هو التطور الذي يحدث في مراحل عمر الإنسان ، وتطور حالة المريض والمعركة وغير ذلك .
== '''النمـو الاجتمـاعي:''' ==
يشير مصطلح النمو إلى عملية النضج التدريجي والزيادة المستمرة للكائن سواء في حجمه الكلي أو أجزاءه في سلسلة من المراحل الطبيعية ويتضمن النمو تغيراً كمياً وكيفياً ، وقد يكون مرغوباً أو العكس ، يقال نمت الأزهار أو نمت الأشواك في الحديقة .وحينما تضاف كلمة اجتماعي إلى النمو بحيث يصبح " النمو الاجتماعي Social Grouth " أي النمو الذي يتعلق بالمجتمع ، فإنه يعني في هذه الحالة نمو السمات الفردية بما يتفق مع الأنماط الاجتماعية المقـررة والبيئة الاجتماعية من ناحية عامة. وقد استخدم المصطلح بمعان مختلفة في الفكر الحديث ، فيقال أحياناً مجتمعات نامية ومجتمعات أقل نمواً ومجتمعات أكثر نمواً ، وما إلى ذلـك وهناك جدل كبير في أدبيات التنمية حول هذه المسميات .ومن الناحية النظرية، فإن مفهوم النمو يقترب من مفهوم التطور ولكنه لا يتطابق معه . وهكذا يُلاحَظ أن سبنسر يخلط بين مصطلح النمو والتطور، ولكن إذا كان ذلك جائزاً في السابق فالوضع يختلف اليوم .ومصطلح النمو الاجتماعي يختلف عن مصطلح التغير الاجتماعي في عدة نقاط أهمها :-ا- يشير النمو إلى الزيادة في جانب واحد من جوانب الحياة ، أما التغير فقد يشمل البناء الاجتماعي والنظام والأدوار والقيم وقواعد الضبط الاجتماعي. 2- يتصف النمو بالثبات المستمر نسبياً ، أما التغير فقد يكون كذلك أو العكس تماماً.3- يكون النمو بطيئاً وتدريجياً نحو الزيادة أما التغير الاجتماعي فقد يكون سريعاً ويتضمن قفزات مفاجئة .4- يشير النمو إلى الجوانب الكمية ، أما التغير فيشير إلى الجوانب الكمية أو الكيفية ، أو كلتيهما .5- النمو يتعلق في الغالب بالجانب المادي من المجتمع ، أما التغير فيتعلق بالجانب المادي أو المعنوي أو بكليهما.6- يسير النمو في خط مستقيم ، نحو الأمام أي ( الزيادة ) بحيث يمكن التنبؤ بما سيؤول إليه ، أما التغير فلا يكون سيره مستقيماً باستمرار، وقد يكون إلى الأمام فيؤدي إلى التقدم ، كما قد يكون إلى الوراء فيؤدي إلى التخلف .7- وهو يختلف عن التغير في كونه تلقائياً بينما التغير قد يكون تلقائياً أو تغييراً إرادياً ومخططاً ( تنمية ).والخلاصة مما تقدم يتبين أن " النمو الاجتماعي Grouth Social " يعنى الزيادة والتراكم بشكل مرحلي مستمر وبمعدل ثابت نسـبياً ، وفي الغالب يكون تغيراً مرغوباً على الأقل في بعض مراحله والنمو يدل على اتجاه التغير نحو التطور أو التقدم البطيء نحو الأمام ، أما التغير فهو التحول الذي يحدث في أي معدل وفي أي اتجاه حيث قد يأتي في اتجاه الزيادة أو النقصان. بمعنى أن النمو حالة من حالات التغير وليس العكس .وفي الدراسة السوسيولوجية نهتم بالتغير الاجتماعي لأنه يعبر عن حقيقة ديناميكية المجتمع التي تأتي في اتجاهات ومعدلات متفاوتة ؛ أما النمو فيدخل غالباً في الدراسات الاقتصادية نظراً لطبيعة عملية النمو وخصائصها .
== '''التنميـة الاجتماعيـة :''' ==
تعرف التنمية الاجتماعية بأنها الجهود التي تبذل لإحداث سلسلة من التغيرات الوظيفية والهيكلية اللازمة لنمو المجتمع ، وذلك بزيادة قدرة أفراده على استغلال الطاقة المتاحة إلى أقصى حد ممكن ، لتحقيق أكبر قدر من الحرية والرفاهية لهؤلاء الأفراد بأسرع من معدل النمو الطبيعي. كما أنها العملية التي يتم بموجبها إشباع حاجات الأفراد عن طريق التعبئة المثلى لجهودهم .ويعرفها " حسن سعفان" بأنها " الجهود المنظمة التي تبذل وفق تخطيط مرسوم للتنسيق بين الإمكانيات البشرية والمادية المتاحة في وسط اجتماعي معين، بقصد تحقيق مستويات أعلى للدخل القومي والدخول الفردية ، ومستويات أعلى للمعيشة والحياة الاجتماعية في نواحيها المختلفة كالتعليم والصحة والأسرة والشباب، ومن ثم الوصول إلى تحقيق أعلى مستوى ممكن من الرفاهية الاجتماعية " (سعفان : 1973، 225).ويذهب " نبيل السمالوطي " إلى أن تنمية مجتمعات العالم الثالث " إنما تتمثل في إعادة الصياغة البنائية والوظيفة للنظم والتنظيمات المختلفة في اتجاه يخدم جماهير هذه المجتمعات وليس أية طبقة معينة مهما كانت ، كما يحقق السيطرة الشعبية الكاملة لكل قوى الشعب داخل المجتمع بلا استثناء . وبعبارة أخرى تتمثل التنمية في تحديث المجتمعات التقليدية في كافة المجالات الاقتصادية والإدارية والاجتماعية بوجه عام ، في إطار عام من الفرص المتكافئة وعدالة التوزيع "(السالوطي 1981،ص 146).ويمكن تصنيف الاتجاهات السائدة في تعريف التنمية إلى ثلاث اتجاهات هي :
1_ الاتجاه الرأسمالي : والتنمية هنا عبارة عن مراحل نمو تدريجي مستمر بهدف إشباع أو مواجهة الحاجات الاجتماعية للإنسان عن طريق سن التشريعات ووضع البرامج وخدمات الرعاية الاجتماعية وتنفيذها بجهود مشتركة حكومية وأهلية . 2- الاتجاه الاشتراكي: يسلم هذا الاتجاه بأن التنمية الاجتماعية تعني عملية التغير الاجتماعي الموجهة إلى تغيير البناء الاجتماعي راديكالياً ، أي عن طريق الثورة ، وإقامة بناء جديد ، تنبثق عنه علاقات جديدة ، وقيم مستحدثة ، بالإضافة إلى تغيير علاقات الإنتاج القديمة ، وذلك لصالح الطبقة العاملة . فالتغير يتجه أولاً إلى البناء التحتي- الاقتصادي- من أجل إحداث التغيير الاجتماعي المطلوب (التنمية) .
3- الاتجاه الاجتماعي : وهو اتجاه المفكرين الاجتماعيين الذين يرون أن عملية التنمية هي تحقيق التوافق الاجتماعي لدى أفراد المجتمع ، بما يعنيه ذلك من إشباع بيولوجي ونفسي واجتماعي .
مما تقدم يتضح أن "التنمية الاجتماعية Social Development "هي نوع من التغير المقصود أو المخطط له بغرض الانتقال من حال غير مرغوبة إلى حال أفضل ، فهي السير في اتجاه موجب ومرغوب إذاً هي نوع من التغيير الناتج عن التحكم في عوامل التغير واتجاهاته ؛ بينما التغير يعنى الحال المتغيرة التي تحدث بفعل عمليات مخططة، وفي اتجاه مرغوب وموجب ، أو العكس ، وذلك مثل تغير حالة الإنسان، والنبات، وبعض مظاهر الطبيعة والمجتمعات ، وذلك دون تدخل مقصود ، أما إذا تدخلنا للتحكم في هذه الجوانب فإننا بصدد عملية تنمية (تغيير واعي) يؤمن بالنتائج الإضافية المستمرة نحو مرحلة متقدمة مطلوبة وممكنة ، يتحقق فيها الخير الاجتماعي ، والرفاهية الاجتماعية .
== '''التحـديث:''' ==
" التحديث Modernization" هو استبدال الأسلوب التقني التقليدي وما يرتبط به من أنماط تتصل بحياة الأشخاص أو الجماعات أو المجتمعات وذلك بأسلوب أكثر حداثة ومعاصرة ، وعندما كان هذا التحول تغيراً ، فان التحول المعاكس يكون تغيراً أيضاً ؛ ولكنه بالطبع ليس تحديثاً وبالنظر إلى التحديث كنوع من التقليد أو التبعية للغرب فإن هذا المفـهوم ( التحديث ) يكون مقبولاً لدى بعض الناس في بعض المجتمعات ومرفوضاً لدى البعض الآخر على أنه ينطوي على نوع من الابتداع أو البدعة ، بينما قبول التغير أو رفضه يعتمد على ما يتضمنه هذا التغير ، فهو لا يرفض ولا يقبل كمفهوم فقط.(الخولي : 1985).
== '''التحضر والحضرية :''' ==
يشير مفهوم " التحضر Urbanization" إلى عملية من عمليات التغير الاجتماعـي وهى انتقال الريفيين إلى المدن واكتسابهم تدريجياً القيم الحضرية وما يرتبط بها من أنماط السلوك الحضري إلى أن تنتهي هذه العملية إلى ما يسمى بالتكيف الاجتماعي . أما مجرد انتقالهم إلى المدن فهو عبارة عن تغير ، ولكنه ليس تحضراً . وهكذا فالتحضر يصف جزءاً من عملية التغير الاجتماعي . والتغير كذلك يختلف عن مفهوم " الحضرية Urbanism" الذي يشير إلى اكتساب الناس وخاصة في الريف لأساليب الحضر دون الانتقال إلى المدن ؛ كما يحدث في عملية التحضر فالتغير يعنى ذلك ويعنى كذلك العكس تماماً ، كما يعني اكتساب هؤلاء لأي أساليب وفي أي اتجاه سواء عصري أو غير عصري . ويعتبر " الانتشار الثقافي " أحد وجوه اكتساب الخصائص الحضـرية ، وهو من العوامل الخارجية للتغير. (الخولي 1985ص 71).
== '''مصادر التغير الاجتماعي وآلياتـه:''' ==
تختلف مصادر التغير الاجتماعي ، إلا أنه يمكن القول بأن هناك مصدرين للتغير هما:-
1- المصدر الداخلي: أي أن يكون نتيجة لتفاعلات تتم داخل المجتمع أو النسق الاجتماعي ، فتعمل على بلورة نوع من الوعي الداعي بل والقابل للتغير ، مثل القرارات الإدارية والتعليم ، والمشروعات الكبرى ، وكذلك بعض الحركات الداعية للتجديد أو الإصلاح الخ .
2- المصدر الخارجي: الذي يأتي من خارج المجتمع ، نتيجة انفتاح المجتمع واتصاله بغيره من المجتمعات الأخرى ، وما ينتج عن ذلك من الاستيرادات والإعلام والابتعاثات ، أو تدخلات المنظمات الدولية ، الخ .
وسواء أكان المصدر من الداخل أم من الخارج فإن ذلك يقوم على آليات محددة هي:-
1- الاختراع والاكتشاف: يبدو في ابتكار أشياء جديدة لم تكن موجودة من قبل ، مثل إكتشاف البترول ، المخترعات كوسائل المواصلات والاتصالات ومختلف التقنيات .
2- الذكاء والبيئة الثقافية: بلا شك أن الاختراع أو الاكتشاف، إنما يتطلب مستوى مرتفع من الذكاء والإبداع والمبادرات الواعية من الأشخاص والجماعات .
3- الانتشـار: ويعني قبول المكتشفات والتفاعل مع المخترعات والتجديدات الوافدة من قبل أفراد المجتمع ؛ إلا أن المخترعات لن يكتب لها النجاح في أن تؤدي إلى عملية التغير حتى تعم وتنتشر لدى أشخاص كثيرين أي على نطاق واسع في المجتمع مثل انتشار الفضائيات والإنترنت وتوظيفها في خدمة إحداث التغيير وتوجيهه.
== '''مراجع:''' ==
* [[التغير الاجتماعي]] في [[منطقة حائل]]، دراسة علمية، غير منشورة ، للدكتور [[شائم بن لافي الهمزاني]]، [[1990]]م.

لا داعي لأن تبحث عمن يفهمك !


لقد طرح أحدهم ما يلي :-

هل وجدت في حياتك من يفهمك...؟؟ هل يوجد في الحياهـ من يشعر بأحاسيسك يفهمك في كل أحــــوالك ،، يحس بكل ماتحس فيه يتفهمك ويتفهم كلماتك وأسلوبك على حقيقتها وبصدقها دون ان يفهمها ويأخذها بالظن السيئ ...هل صادفت وقابلت الشخص الذي يفهمك دون أن تتكلم يترجم أحساسيك ومشاعرك إلى كلمات ليعرف مابك وماذا تريد .. يقدر ظروفك عندما تمر بمنحنيات صعبه في الحياهـ وتشعر بأنك في حاله غير مستقرهـ فيقف جنبك بإحساســــــــــه الصادق ومشاعــــــــــرهـ النبيله يشاطرك أحـــزانك ،، و أفــــراحك يسعى لينزع ويزيل عنك الدمعـــــه حتى لو تطلب الأمر أن يأخذها عنكـ يزرع على شفاتك البسمه يتجاوب معك دون أن تتكلم أو تطلب منه ... ياله من شعـــــــــــــور رائع وإحســــــاس جميل لو وجدت مثل هذا الشخص فستشعر معه بطعم الحياهـ وجمالهاكنز ثمين دائماً مانبحث عنه ونـتمنى ان نجدهـ ،، ونحتاج ان يكون بجانبنا دوماً فنظل نبحث نبحــث ونبحــــث ونبحــــــــث فقد نجـــدهـ ،، وقد لا نجــــدهـ فتساؤلي لكم..هل وجد كل منكم هذا الشخص وشعر معه بهذهـ المشــــــاعر ؟؟ هل هو قريب/ة أم صديق/ة أم من عموم الناس ؟؟فتساؤلي لكممن هو ذاااااااااااك الشخص؟!

وأقول : مهلا رويدك أيها الفتى
فأنت كأي إنسان لا تفهم ذاتك ، فكيف تبحث عمن يفهمك ؟
قد تجد من يحترمك ويقدر مشاعرك ويجاملك نعم
أما من يفهم حقيقتك فلا أحد على وجه الأرض ، حيث الحقيقة دائما غائبة ، كيف ؟!
نحن ما بين الوعي الذاتي والوعي الموضوعي لحقائق الأشياء

الاثنين، 3 أغسطس 2009

الإصلاح الاجتماعي ومفاهيم أخرى متداخل معها

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهم في العمل على إصلاح البلاد والعباد ، أما بعد:في الفقرات التالية نحاول التعريف بمفهوم الإصلاح الاجتماعي الذي يطرح بقوة في هذه الأيام ، لاسيما بعد فوز الرئيس الأمريكي الأسود (أوباما) مستعينا برفع شعار التغيير الإصلاحي ، الذي ترشح وفاز به ، وبالتالي بدأ يطرحه كمشروع عالمي .والإصلاح تاريخيا مفهوم إيجابي جذاب مهما إختلف الناس حول ماهية الإصلاح المأمول ، حيث يختلف من عصر إلى عصر آخر وكذلك من مكان إلى مكان آخر ، بحسب أوضاع الناس وضروب معاناتهم ، والإصلاح نجده يمثل الهدف المحوري لكل الرسالات الدينية فكل الرسل عليهم السلام مصلحون ، وهذا واضح في آيات كثيرة من القرآن الكريم ، وفي نصوص السنة المطهرة . وهكذا فسوف نحاول فيما يلي استجلاء بعض المضامين ، بالنسبة لهذا المفهوم من المنظور الاجتماعي.
== '''الإصلاح (Reform) لغـة :''' ==
ضد الإفساد والتعطيل ، كما المضاد الحيوي والميكروبات ، وأصلح الشيء أي أزال فساده وعلله المعطلة لأدائه المفترض ؛ بحيث يصبح سليما كما يجب فهو إذا (المصلح ) وضده (المفسد المدمر) ، أما الشخص الإصلاحي : فهو كل من يساهم فيما يجب عمله لإصلاح شيء ما ..
== '''وفي الاصطلاح الاجتماعي :''' ==
يدخل ويتداخل مفهوم الإصلاح الاجتماعي (Social Reform) مع العديد من المفاهيم الداخلة ضمن مفهوم [[التغير الاجتماعي]] (Social change) وهكذا نجد هذا المفهوم في جذور الفكر الاجتماعي (Social thought) حيث نجد بواكير النظريات الإصلاحية (Theories of reform) ، لاسيما لدى أصحاب المثاليات في تشخيص مشكلات الواقع الاجتماعي(Social reality) وأيضا في محاولة اقتراح الحلول المناسبة لها ، وذلك من خلال رسم صورة لمجتمع مثالي يخلو من العيوب ، كما نجد ذلك لدى الكثير من المفكرين الإصلاحيين ، مثلا في : جمهورية أفلاطون الفاضلة ، ومدينة الشمس للقديس أوغسطين ، واليوتوبيا الجديدة ، ولدى الفارابي ، في أراء أهل المدينة الفاضلة ، وكذلك قي شيوعية ماركس ،،، وغيرهم .
هنا ، نجد كل النماذج الإصلاحية كانت تطرح أنموذجين (الواقعي والتصوري) فالأول يمثل (الواقع الكائن) فهو يعكس الواقع الاجتماعي الذي كانوا يعيشونه بالتركيز على ما يرونه من العيوب والفساد التي يجب تغييرها نحو الأنموذج الجديد (التصوري) الذي يرسم صورة استشرافية لواقع اجتماعي مثالي (الواقع الممكن) ، بحيث يخلو من كل العيوب والسلبيات التي تنغص حياة الناس وتسلب سعادتهم وتحد بالتالي من إبداعهم وإنتاجيتهم ، فهو يعكس ما يجب أن يكون بما يوفره من مثاليات إصلاحية يتمناها كل الناس.
وهكذا فالإصلاح مفهوم براق ومقبول لولا صفتي المثالية والحتمية فهاتين النزعتين قد شابتا الفكر الإصلاحي منذ نشأته ، إلا أنه مع تعدد التجارب الراديكالية المثالية (Radical ideal testing) التي فشلت في تحقيق التحول الإصلاحي من خلال قفزة إصلاحية وفي نقلة حتمية واحدة تراجعت فكرة الحتميات المثالية ، وفي ضوء الطرح المرحلي التنموي الذي ساد العقود الماضية ولا يزال ، فقد أصبح الإصلاحيين أقل مثالية وأكثر واقعية واحتمالية وقناعة بالمرحلية الإصلاحي ؛ويبدو ذلك في تعدد قراءات الواقع ، وفي تعدد تشخيصات الخلل الحاصل وفي تعدد المنظورات والنماذج الإصلاحية الممكنة ، فبدلا من القول بنوع من التغيير الإصلاحي الواجب والحتمي أصبحوا يتحدثون حول ما يمكن إحداثه كنقلة مرحلية نحو الأفضل ، والبعض يقتنع بالإصلاح الجزئي أي لو لم تكن النقلة على المستوى العام والشامل لكل بناء المجمع ، كما حدث في الثورات الشيوعية(Communist revolutions) أو في الثورة الإصلاحية الإيرانية ، وهكذا ربما زالت الصفة المثالية للطرح الإصلاحي ، ومع تعدد التيارات الإصلاحية تعددت النماذج المطروحة للصلاح المنشود ، وبهذا زالت أيضا صفة الحتمية في المنظورات الإصلاحية المتأخرة ، ومثال ذلك ما يعنيه الرئيس أوباما عندما قال : لكل بلد ديمواقراطيته التي تناسبه ويرتضيها أهله ، رافضا أوباما ذلك الطرح المتغطرس لأسلافه من أنصار نظرية نهاية التاريخ لفوكوياما(The theory of Fukuyama end of history) قبل سقوطها المدوي .
وكما يحتاج التنموي لرأس المال من أجل تنفيذ برامج التنمية يحتاج هذا التيار إلى شخصية إصلاحية موثوقة تتمتع بالكارزماتية ، في مخاطبة الواقع وبلورة وعي إصلاحي جماهيري فعال ، من أمثال الإمام الخميني في إيران وغاندي في الهند .. وغيرهم ، أي أنه يحتاج إلى الرجل (المصلح : Reformer) بحيث يتزعمه ويجمع شتاته كرمز إصلاحي أو مثال يحتذى ، هذا حيث كان الإصلاح في الأصل هو محور دعوات الرسل الذين يبعثهم الله لإصلاح واقعهم الفاسد ، وكذلك جاءت الحركات الإصلاحية الدينية . .
== '''الإصلاح الاجتماعي ومفاهيم التغيير الأخرى :''' ==
قبل تحديد مفهوم الإصلاح الاجتماعي فإنه بحسن بنا تحديد مفهوم الوعي الإصلاحي (consciousness of the reform) : وهو ذلك المفهوم الذي يعكس تلك المعارف والقناعات والاهتمامات والسلوكيات الإصلاحية التي تستيقظ في لحظة تاريخية استجابة لنداءات تدعو للإصلاح كضرورة ، والتي غالبا ما تتبلور في طرح صورتين لأنموذجين الأول : واقعي ويعبر عن وجود بعض العلل الحاصلة في واقعهم الاجتماعي (أنموذج سلبي مرفوض)، بحيث يجب النضال من أجل العمل على إصلاحه بإزالة أو معالجة علله ، وفقا لإنموذج إصلاحي جديد (أنموذج إيجابي مأمول) ، وسواء كان ذلك على المستوى الشامل بهدم بناء الواقع العليل وتشييد بناء جديد يسوده الصلاح (Serviceableness) ، أو الجزئي لدى البعض من الإصلاحيين ، مثلا في : النظام السياسي أو التربوي أو الاقتصادي ، أو الديمغرافي..الخ .
وأيضا يتفاوت الوعي الإصلاحي بحسب الاتجاه الذي يتمحور حوله ، فهناك نوع من الوعي الإصلاحي الحضاري ، والثقافي ، والتنموي ، والتطويري ، والتحديثي ..الخ ، وبحسب مكونات الواقع الاجتماعي ، هنالك إصلاح ديني أو سياسي أو تربوي أو ترفيهي .. الخ ، ومن ناحية أخرى نجد هنالك الإصلاح الأصولي ، والعلماني واللبرالي ، كما هنالك العديد من المستويات لتجليات هذا الوعي وهي :المحلية الوطنية والإقليمية ، والقومية والأممية والعالمية . وهكذا فإنه غالبا ما تتعدد التيارات المنادية بالإصلاح ، مثل ( [[تيار الإصلاح في السعودية]] )وغالبا ما تتبلور هذه الاتجاهات وتتمحور في وعي مشترك ، لاسيما عندما يتزعمه شخصية إصلاحية كارزماتية (المصلح: Reformer) . ومن ثم تعود الكرة بالانشطار إلى تيارات متباينة ، وبالتالي تعود لتتمحور من جديد حول طرح مشترك بوجود زعيم إصلاحي جديد (المصلح: Reformer) أو من يرمز له بعد موته ، مثل الخلفاء بعد الرسول محمد (ص) ، وحاليا نجد مثلا (المرشد الأعلى للثورة) في أيران .. وهكذا . إذن فهو وعي نقدي رمزي متجدد ، يقرن النظرية بالتطبيق وينطوي على مفهوم النضال ولا يخلو من أيديولوجية معينة .
إذا الإصلاح الاجتماعي : حالة النهوض بالاستناد إلى نوع من الوعي الإصلاحي ، في عملية تغيير مقصود لبعض أو كل معطيات الواقع الاجتماعي (الكائن) والمعتل والمرفوض لسلبياته ، وذلك أخذا بأنموذج نظري إصلاحي (ممكن) ومخطط له ،على أنه البديل المرغوب والمأمول لدى الناس نظرا لإيجابياته المطروحة و المتوقعة حول إحقاق الحق وتحقيق العدالة الاجتماعية ، وتقدير الكفاءات الإصلاحية وتوظيفها بديلا عن مكاسب استثمارات أهل الثقة في جسد ذلك الواقع الفاسد ، بحيث يتم يرفع مستوى توظيف المقدرات ورفع معدلات الإنتاجية (Productivity) كما ونوعا ، وبالتالي تعميم الخير والرخاء والرفاهية ، ويتم ذلك من خلال تحديد ما هنالك من السلبيات الحاصلة في الأنموذج الواقعي ، ومحاولة الحد منها في واقع (الأنموذج الإصلاحي) أكثر صحة وصلاحا، من حيث رفاهية الناس ورضاهم وإنتاجيتهم . ولهذا الإصلاح هنالك العديد من المستويات والمجالات وكذلك الاتجاهات والمنظورات .. بحسب اتجاهات الوعي الذي يستند إليه .
ويطلق مصطلح الإصلاحي(Personal reform) على كل من يتبنى ويخدم هذا التيار فكرا وقولا وسلوكا منهجا وغاية ، على من يتحرك من أجل الإصلاح وفقا لإمكاناته .
== '''التغيُّر والإصلاح الاجتماعي :''' ==
يشير مفهوم التغير إلى حالة التبدل والتحول من حال إلى حال أخرى غير تلك الحال التي كان عليها ذلك الشيء ، وسواء كان هذا التحول الطارئ تغييرا إيجابيا مقصودا ومعمولا من أجل إحداثه (موجها) أم سلبيا حصل بصورة عفوية ، مرغوبا كان ومطلوبا ومأمولا أم مرفوضا . يقال : تغيرت الحديقة إيجابيا بنمو الورود المزروعة بقصد تغيير منظرها نحو الأفضل والمطلوب ، أو تغيرت سلبيا ودون قصد نحو الأسوأ ، مثلا نتيجة نمو بعض الأشواك والنباتات المرفوضة .هنا نجد أن التغيير الإيجابي المقصود والمخطط له والمطلوب والمأمول قطعا سينطوي على شيء من الإصلاح . فالإصلاح هو تغيير مقصود نحو الأفضل ، ولا تعد حالة التغير دون قصد إصلاحا .
== '''التقدم الاجتماعي:''' ==
استعمل اصطلاح "[[التقدم الاجتماعي]] Social Progress " في البداية باعتباره مرادفاً لمصطلح التغير الاجتماعي، وقد جاء ذلك واضحاً في كتابات أوجست كونت ، وكوندرسه، وتيرجو ، وغيرهم .وينطوي التقدم على مراحل ارتقائية ، أي أن كل مرحلة تكون أفضل من سابقتها. وهو يشير إلى انتقال المجتمع إلى مرحلة أفضل من حيث الثقافة والقدرة الإنتاجية والسيطرة على الطبيعة .
ويعرف بأنه العملية التي تأخذ شكلاً محدداً واتجاهاً واحداً مستقيماً يتضمن توجيهاً واعياً مخططاً ومقصوداً لتوجيه عملية التغير نحو الأمـام بهدف تحقيق بعض الأهداف المرسومة والمنشودة والمقبولة ، أو الأهداف الموضوعية التي تنشد خيراً أو تنتهي إلى نفع .ومفهوم التقدم يتضمن مدخلاً معيارياً قيمياً للحكم على الأحداث الاجتماعية حيث يعتقد معظم مفكري كل عصر أن التقدم الذي وصلت إليه مجتمعاتهم الراهنة أفضل مما كانت عليه في السابق ، ومع بداية العصور الحديثة ظهرت حركة فكرية تدعو إلى التفاؤل في المستقبل ، كما أن فكرة التقدم تحمل مضموناً نسبياً فقد تتغير بتبدل الأحوال والأزمنة ، فالتقدم في مجتمع أو عصر قد يكون تخلفاً بمفهوم مجتمع أو زمان آخر ، حيث يدخل الجانب الخلقي، فالأهداف المحققة نتيجة للتقدم تختلف النظرة إليها، نظراً لصعوبة قياس الأهداف ناهيك عن صعوبة حصر الوسائل المؤدية إليها.
وهكذا فإن التقدم الاجتماعي قد يكون هدفا من أهداف الإصلاح الاجتماعي ، لاسيما عندما يكون هذا التقدم مرغوبا لدى الناس في زمان ومكان محددين .
== '''التنمية والإصلاح الاجتماعي :''' ==
التنمية الاجتماعية (Social development) : وهي عملية التغيير االموجه ، والمقصود والمخطط لتحققه من خلال برامج موجهة في خطط خمسية أو عشرية نحو تحقيق أحجام أكبر وأعداد أكثر من النمو والزيادة التراكمية المرحلية في كل مجالات الواقع ، مع أنها غالبا ما تركز على الجوانب الاقتصادية لاسيما الاستثمارية التي يستحوذ عليها المتنفذون في مفاصل الميدان التنموي ، وقد ساد هذا التيار معظم بلدان العالم في العقود الأخيرة من القرن المنصرم ، وعلى الرغم من الإيجابيات التي تحسب لصالح هذا التيار ، والتي تتمثل في إنشاء العديد من المشاريع في البناء والطرق والصناعة والزراعة وفي الانفتاح على العالم ، إلا أن لهذا النمط بعض الإفرازات السلبية المتعددة والمتداخلة والمتساندة والمتكاملة بصورة شديدة التعقيد ، وهي تعبر عن حالة من التضخم المرضي للواقع مع سيادة (أهل الفساد) على أنهم (أهل الثقة) واستحواذهم على سلطة القرار وعلى كل المقدرات ، وهكذا فإنهم يطغون على الناس فلا يعون سوء أحوالهم وهمومهم ، ولو أنهم وعوها لا تهمهم ، ما يهمهم هو فقط مصالحهم الخاصة في تنمية أملاكهم وممتلكاتهم ، ولهذا سادة الواسطة والمحسوبية والرشوة في المعاملات ، وهكذا همشوا كل الناس وحجبوا عنهم حتى حقوقهم الثابتة ، حيث ضاعت العدالة واختلت المعايير وشوهن الفضيلة.. ، فانتشرت بذلك الجريمة والانحراف والتحلل والعطالة والفقر والتشرد ..الخ ، وكان الوعي المتطرف بالعنف من أبرز الإفرازات السلبية المتعلقة بعمليات الفرز الطبقي ، والتمركز السكاني في العواصم ، وخلو الريف من أبنائه المنتجين ، مع سيادة خفافيش الظلام واستحواذ مصاصي الدماء من المتنفذين على استثمارات التنمية وتوظيفها لصالحهم ، ولو مع شيء من ذر الرماد في العيون .
هكذا جاء التيار الإصلاحي لتغيير هذا الواقع من خلال العمل على إصلاح ما يكتنف هذا الواقع من العيوب والسلبيات ليصبح واقعا سليما صالحا بقد الإمكان . وبذلك نجد نوعا من التداخل بين المفهومين فكلاهما تغيير موجه ومقصود ومرغوب والاختلاف فقط في شكل هذا التغيير وفي أي المجالات وأيها الأهم ، فالتنمية في جانب منها هي نوع من الإصلاح التنموي ، كما أن الإصلاح هو في أحد جوانبه نوع من التنمية الإصلاحية .
== '''الإصلاح التنموي(Development reform):''' ==
ويعني عملية الإصلاح من منظور تنموي ، ويشير إلى عملية إصلاح الواقع الراهن في ضوء الطرح التنموي ، أي من خلال تحقيق الزيادة والنمو الموجب والممكن في مجالات تنموية معينة ، مع تفادي أكبر ما يمكن من إفرازاتها السالبة . مثلا بناء العديد من المدارس والمصحات وتوزيعها كما يجب ، أو زيادة أعداد الخريجين في تخصصات معينة ، أو إنشاء العديد من المشروعات الإنتاجية في الريف ليصبح جاذبا للمهاجرين لاسيما العائدين من المدن ، وذلك لتخفيف حدة التمركز السكاني في العواصم وضغطهم على الخدمات وللتخفيف من العطالة ، ولرفع المستوى المعيشي لأهل الريف ، مع خفض معدلات الجريمة والانحراف ، وتنشيط الحراك الاجتماعي ، والتفاعل الإنتاجي.. الخ .
== '''التنمية الإصلاحية (Development reform):''' ==
ويعني عملية التنمية من منظور إصلاحي ، ويشير إلى عملية التنمية التي تتجه في ضوء المنظور الإصلاحي نحو تحقيق الزيادة والنمو الموجب والممكن في مجالات معينة من الواقع الراهن بغرض إصلاحها ، مع تفادي أكبر ما يمكن من إفرازاتها السالبة. والأمثلة السابقة تنطبق هنا أيضا .

== '''التحديث والإصلاح الاجتماعي :''' ==
التحديث الاجتماعي (Social modernization) : هو اتجاه نحو التغيير التحديثي التطويري ، حيث يرى باستبدال كل ما هو تقليدي بكل ما هو حديث ، وهو يتمحور حول الأنموذج الرأسمالي الغربي ويرى بشيء من الفوقية لكل ما هو نتاج غربي ؛ على أنه الأمثل الذي تجب محاكاته والارتقاء إليه من خلال استيراد معطياته الخ . وقد تألق أنصار هذا التيار إبان توهج مقولات نهاية التاريخ وسقف التاريخ إشارة إلى النموذج الغربي في مقابل نماذج مستنقع التاريخ التي يجب عليها اللحاق بالركب من خلال استعارتها لهذا النموذج التطوري النهائي والفريد في زعمهم .
فالتحديث إذا هو عملية تغيير إصلاحي ، بحيث يمكن اعتبار أن التحديث الاجتماعي هو نوع من الإصلاح الذي يتم وفقا لمعطيات الأنموذج الأحدث أي الغربي (التحديث الإصلاحي : Modernization reform) ، كما ينطوي الإصلاح أيضا على جوانب تحديثية ، خاصة ما يتعلق بالأدوات والوسائل والتقنية ..الخ والنظم ..(الإصلاح التحديثي: Reform retrofit).
== '''التطور والإصلاح الاجتماعي :''' ==
يشير مفهوم التطور الاجتماعي (social evolution) إلى ذلك التغير الذي يعكس حالة الانتقال من مرحلة تطورية معلومة إلى مرحلة معلومة ومتوقعة في اتجاه معين ، مثل تطور الحياة الاجتماعية من الصيد والالتقاط إلى البداوة ثم الريفية ثم الحضرية ، ومن الزراعية إلى الصناعية إلى ما بعد الصناعية .. وسواء تم ذلك بقصد (تطوير) ومن خلال التخطيط لإحداث تغيير ما مثل اعتماد سياسات التوطين للحد من البداوة ، أو أنه تم بدون قصد (تطور) كتحول البادية نحو حياة الاستقرار دون تدخل ، وسواء كان هذا التطور سلبيا أم إيجابيا ، كتطور حالات الصراع إلى المظاهرات ثم المصادمات ثم الحرب ، وتطور حالات الجو والأوبئة ..الخ.
وهكذا يمكن اعتبار التطوير القائم على التغيير المقصود والموجب والموجه نحو تحقيق مرحلة متقدمة ، لا يختلف كثرا عنه في مفهوم الإصلاح، فهناك إذا ما يمكن تسميته (التطوير الإصلاحي: Reform of Evolutionary) وأيضا من الجانب الآخر نجد مفهوم (الإصلاح التطويري : Evolutionary reform) .
== '''مجالات الإصلاح الاجتماعي (The areas of social reform):''' ==
تتحدد هذه المجالات وفقا لحدود الواقع الاجتماعي المستهدف بالإصلاح وعليه نجدها كما يلي :-
1- المجالات المحلية (Local areas of State): أي في حدود دولة واحدة ، كما تم في إيران .
2- المجالات الإقليمية(Regional areas): أي عدة دول متجاورة كدول جزيرة العرب أو الهلال الخصيب ، أو حوض النيل أو المغرب العربي ..الخ.
3- المجالات القومية (Areas of national): مثل الدول العربية ،
4- المجالات الأممية (Areas in the nation): كدول المسلمين مثلا ،
5- وأخيرا المجالات العالمية (Areas of the world) : مثل الإصلاحات التي تنفذ بواسطة مؤسسات الأمم المتحدة لتشمل كل أعضائها .

== '''قضايا الإصلاح الاجتماعي (Issues of social reform):''' ==

وهي تتمثل في كل مكونات الواقع الاجتماعي المستهدف ، ويمكن تصنيفها بحسب المنظور الحاسوبي (Social theory of computer) ـ الذي يطرحه د.[[شائم بن لافي الهمزاني]] ، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميةـ للمقاربة بين مكونات الواقع الاجتماعي ومكونات الحاسوب وهي : (الهارد وير ، السوفت وير ، الأداء التفاعلي الناتج ) وعليه فإنه يمكن تصنيف قضايا الإصلاح إلى ثلاث قضايا رئيسة وهي :-

1ـ الهارد وير(Hard Weir) : ويمثل كل القضايا الحضارية (المدخلات المادية وتجلياتها) وتتمثل في كل الأدوات والوسائل والمنشئات ، وكل المكونات المادية (المنظورة) في الواقع الاجتماعي .
2ـ السوفت وير(Software) : ويشير إلى كل القضايا الثقافية (مدخلات الوعي وتجلياته) لغة معرفة دين قناعات اتجاهات فكرية رمزيات فنون أساليب تقنية ، ،إلخ . و تبدو هنا قضية إصلاح بناء الشخصية الفردية موازية لإصلاح بناء الواقع الاجتماعي .
3ـ الأداء التفاعلي (Interactive performance) : ويعني كل القضايا التفاعلية (مدخلات الاجتماع وتجلياته) أي مختلف الظواهر والنظم والبناءات والعمليات الناتجة عن التفاعل الواقعي للناس .
== '''مستويات الإصلاح (Levels of social reform) :''' ==

أولا :الإصلاح الشامل(Comprehensive Reform) :
وهو اتجاه راديكالي يؤمن بالهدم من أجل إعادة البناء ، حيث يرى بوجود فساد شامل في كل معطيات الواقع الكائن بحيث يجب استبدالها بأخرى صالحة ، وأولها يأتي النظام السياسي ليشمل كافة البناءات والنظم الأخرى ، وهكذا فهو يقيم بناء جديدا صالحا على أنقاض السابق الفاسد ، وغالبا ما تأتي دعوات الإصلاح على هذا المستوى الشامل من خارج المجال الإصلاحي . ..
ثانيا : الإصلاح الجزئي التوفيقي(Partial reform compromise) :
وهو اتجاه محافظ ضمن النظام السائد إلا أنه يرى بوجود بعض العيوب التي يمكن ترقيعها أو ترميمها ، مع المحافظة على هيكلية البناء القائم ، وهنا يتفاوت التوفيقيون من حيث مستوى ومجالات نقدهم حول إصلاح الواقع (خطوطهم الحمراء) ونجدهم غالبا إما من المقربين للسلطة أو الخائفين منها ..
ثالثا: الإصلاح الجزئي التلفيقي(The fallacy of partial reform) :
وهو اتجاه أكثر محافظة إلا أنه ومن خلال وجهة نظر النظام القائم ، قد يرفع شعار الإصلاح ويقترح بعض الإصلاحات الزائفة والمحدودة في بعض المجالات الثانوية كالخدمات البلدية ، أو التعليمية ، أو.. وأنصار هذا التيار غالبا ممن يقولون غير ما يعرفون ويقترحون عكس ما يؤمنون به ، وأغلبهم مع كل الأسف من الكتاب والإعلاميين والأكاديميين بحسب توجيهات المسئولين في الحكومة ، على أن من يحركهم غالبا هم الاستغلاليون ، المستفيدون من استمرار الفساد في أساسيات الوضع القائم ..الخ.
هذا ما تيسر حتى الآن من الحديث حول مفهوم الإصلاح المطروح بقوة في مرحلتنا الراهنة ، بحيث أعاد إلينا شيئا من بصيص الأمل في الخلاص من واقع الفساد الذي نعيشه في ما يسمى دول العالم الثالث (Third World countries) ،، وهنا ربما نتساءل في ضوء حديثنا في المقدمات السابقة حول ماهية خصائص الإصلاح المنشود حاليا ؟ وماذا عن نظرية الإصلاح الأوبامي(The theory of opama reform) ؟ هل يمكن النظر إليها كنوع من البيريسترويكا الامبريالية (Perestroika imperialism) ؟ أم انقلاب وتمرد عليها من داخلها ؟ وإلى مدى يجب علينا الأخذ بها ومواكبتها ؟ ولماذا ذلك ؟ وكيف لنا ذلك ؟ ومتى ؟ وأين ؟ وأخرى ..
والله من وراء القصد وهو أعلم .
وتقبلوا تحايا أخيكم / د.شائم الهمزاني
دكتوراه ، في علاقة الوعي (الديني) بالواقع الاجتماعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية









بيع شتل أثل بلدي

يوجد لدينا في حائل شتل أثل بلدي بأسعار مناسبة ومقاسات من 2 وحتى 6 متر واتساب 0564025364