الأربعاء، 19 أغسطس 2009

لماذا يمنع الإحياء الشرعي في بلادنا ؟1

أحرث وازرع أرض بلادك!! وبكرا التعديات فالك !!
فأين منها مجلس الشورى ، ومجالس المناطق ؟!
وهل من سبيل للحد من استحواذ خفافيش الظلام ومصاصي الدماء
على مصالح الناس ، وتهميشهم بعيدا عن كل مقدرات بلادهم ، بما فيها أرض الآباء والأجداد ؟؟!!

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد:

في هذه المقالة ، سوف أوجز في تناول قضية أجدها تؤرقني دائما ، وأخالها تؤرق الكثيرين غيري ، مع أن البعض قد لا يوليها ما تستحق من الاهتمام ، كونه لا يعيها كما هي ، لاسيما وأنها تتصل بأعماق الفطرة الإنسانية كركيزة أساسية في دعم الذات ، ، ألا وهي قضية إشباع غريزة حب تملك الأرض كفطرة إنسانية ، حق مشروع ، وظاهرة تاريخية ، وهي قضية وطنية يجب أن يتصدى لها الكل منا ..

فيما قبل الفضائيات ، كنا نستمع كل صباح لبرنامج إذاعي جميل أعتقد من إذاعة الرياض (ربما لا يزال) وهو يحث على الزراعة أعتقد اسمه (الأرض الطيبة) ويبدأ ويختتم بأغنية تقول كلماتها:

أحرث وازرع أرض بلادك = بكرا تنتج وتغني أولادك؟؟!

ولا غرو ، فإن حب الاعتمار في الأرض وحب امتلاكها فطرة فطر الله الإنسان عليها ، ليكون خليفة على الأرض ويعمرها . وكلنا نرى فرحة الأطفال وإبداعاتهم عندما يتسنى لهم اللعب بالماء والتراب ، ونحن الكبار أيضا نحبها ولكن لم يتسن لنا حرثها وزراعتها ، كما كان يدعونا برنامج الأرض الطيبة .

ولعل أكبر مشكلة تواجهنا في هذا الصدد إنما هي قرار منع الإحياء الشرعي : أي حق التملك القائم على استصلاح الأراضي البور وإعمارها بتحويلها من مكان ميت لا زرع ولا دار ولا سكان فيه ، إلى مكان حي مأهول بالناس ، علما بأن أسلوب التملك بالإحياء يعد من أهم الركائز التي تستند عليها خلافة الإنسان في إعمار الأرض ، وقد أمر الرسول محمد (r) بزراعة الأراضي وإحيائها ، فقد نص (r) على أن من أحياء أرضا ميتة فهي له . كما نجد قوله (r) لو قامت الساعة وفي يد أحدكم شجرة فليغرسها . ولكن المصيبة حاليا هي عندما تستصلح وتزرع أرضا كما يقال : للشمس والقمر ، فإن نصيب كل ما بذلت الهدم والتدمير دون أي مبرر ، فيا للعجب ؟!!


وتماشيا مع المقدمات السابقة ، فلقد كان الإحياء الشرعي قائما ومشجعا في بلادنا ، خاصة بعد قيام الدولة السعودية الأولى ، وتطبيق الشريعة الإسلامية فيما يخص ملكية الأرض ، وقد استمر هذا النهج حتى ما قبل عام 1396 هـ ، وكلنا نعرف تلك القرى (الهجر) التي قامت إبان تأسيس المملكة العربية السعودية .
حيث كان كل من يبني دارا أو يحفر بئرا ، أو يغرس موقعا ، أو يزرعه نخلا أو أثلا أو أو قمحا أو برسيما أو فقط يحرثه ولم يتمكن من زراعته ، فإنه يعد ملكه شرعا ، بل وحتى عرفا قبليا ، وبالتالي يحق له الحصول على صك ملكيته ، وهكذا فقد تناما الاستيطان في صحرائنا ، ولم يتوقف إلا منذ عهد قريب عندما أنشأت (لجنة التعديات) وأصبحت تلهث كالسبع المسعور في إزالة الإحياءات وبالتالي تمويت أراضي بلادنا ، وقطع الكثير من مصالحنا في أرضينا وضمن ديارنا .

ذلك عندما تم تعطيل مشروع الإحياء الشرعي ومنعه بأسلوب مباشر ، حيث يعد الشخص المحيي محدثا ، وهنا تتم إزالة الحدث ، وأسلوب آخر غير مباشر حيث : أن من يتقدم بطلب صك شرعي لمزرعته القائمة فإن عليه أن يثبت شرعا بأنه قد أحياها فيما قبل عام 1384 هـ ، وهذا أمر من غير المعقول ، فحاليا أين هم من أحيوا في هذا التاريخ ؟! قطعا لقد ماتوا أو هم على حفرة الموت ، لذلك نجد أن هذا الأمر إنما جاء فقط لصالح المتنفذين وأهل المحسوبية والرشوة ، والكذابين الذين يأتون بالشهود على أنهم قد أحيوا مزارعهم فيما قبل التاريخ المحدد ، بينما نجدهم يقومون بزراعة نخيل ميتة ، ويبنون جدارا أو غرفة من الطين ويصبون عليها الماء ، حتى تبدو وكأنها قديمة ، مع أن الكل يعرف السالفة . بما فيهم القضاة وهيئة النظر والمساحين ، ولكن الجميع يساير هذه التمثيلية المكشوفة لمصلحة ما ، بينما يواجه الغالبية منا غطرسة لجنة التعديات بالتدمير والهدم والإزالة . وهذا قطعا له انعكاسات سلبية عميقة في مختلف جوانب الحياة الفردية والاجتماعية ، دع عنك من يقول : لقد تم اعتماد مخططات زراعية منظمة وفي مواقع استثمارية لمن يرغب ، فالغالبية من سكان الدرع العربي جنوبا ، لا يرغبون في هذه المخططات التي تقع غالبا في شمال المنطقة ، مع ارتفاع تكاليفها ، و ، و ، الخ .

ولعله من المناسب هنا ، أن نتذكر أنه أحيانا نجد البعض من أصحاب السلطة ، ولمصلحة ما ، قد يتخذ قرارا ، مثلا : تحت شعارات معينة مثل التحديث والتطوير والتنظيم والتخطيط والمصلحة العامة ،، متناسيا ربما الانعكاسات السلبية الإنسانية لهذا القرار ، خاصة محاصرة نفوس الناس والتضييق عليهم بما يخالف فطرتهم ، فلقد رأينا كيف سقطت النظم الشيوعية برغم شعاراتها البراقة في العدالة والمساواة وخلافة؟؟! ، والسبب هو أنها كانت تحرم الناس وتضيق عليهم فيما هو عنصر أصيل بفطرتهم كالحرمان من التملك والمتاجرة وإلغاء التمايز الاجتماعي ، وخلافه ، وهكذا شهدنا سقوطها المدوي مع مطلع العقد الأخير من القرن المنصرم . وهكذا فإن كل قرار مهما كانت دعواه وشعاراته الإنسانية إلا أنه عندما يتعارض مع الفطرة فإنه مرفوض بالفطرة ، وبالتالي فهو باطل ، وسوف يسقط لا محالة . يقول المثل : إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع .

والمصيبة هنا : أن بعض المسئولين لا يشعرون بما يشعر به عامة الناس والسبب هو أن غالبيتهم يتمتعون بما يحرم منه الآخرون ، فلديهم مزارع وليست مزرعة واحدة وبمئات الكيلو مترات ، إضافة إلى نواحي أخرى ، (فمن عاش في كنف والديه ، لا يعرف شعور اليتيم).

وإلا :

هنا ،، بادرة بالتوارد العديد من الاستفهامات :ـ

مثلا :

لماذا تعطيل حركة الإحياء الشرعي وانتشار الاستيطان في صحرائنا الشاسعة ؟! هل لدينا ندرة في الصحاري ؟ أليست نسبة الكثافة السكانية لدينا لا تزيد عن (8 ) أشخاص لكل كيلو متر واحد من مساحة دولتنا ؟!.

وكم هي المصالح المعطلة بتعطيل هذه المصلحة ؟ ولمصلحة من ؟ ومقابل ماذا ؟!
وهل توجد فوائد معينة لتعطيل عملية الإحياء الشرعي ؟! ما هي هذه الفوائد؟!.

وهل حال منع الإحياء دون حصول الهوامير على صكوك شرعية بالكيلومترات ؟ أم فقط يحرم الضعفاء وأصحاب الدخل المحدود ؟1

أليس من الأفضل تيسير ملكية الإحياء الشرعي ؟ وهل يمكن تنظيم عملية الإحياء بأسلوب حضاري ؟ وكيف ؟

وما هي المشكلات التي يمكن مواجهتها من خلال تنظيم عملية الإحياء الشرعي ؟!
؟
؟

وعليه يمكن القول القاطع ، بعدم وجود أي فائدة تذكر من هذا الإجراء العقيم المتمثل في منع الإحياء الذي يتم وفقا لهذا الأسلوب الشرعي ؛ اللهم إلا ما يخص مصلحة هوامير العقار وأنصارهم من خفافيش الظلام ومصاصي الدماء ، قد يقول قائل بأن المسألة فقط تنظيمية ، وأقول : نحن هنا لا نطالب بالفوضوية وإنما نطالب بالتنظيم الذي لا يعرقل هذه المصلحة الشرعية والضرورية ولا يحرم عامة الناس من فوائدها الكثيرة التي تفوق أي ثمن قد يراه البعض مبررا زائفا لتعطيلها ..

ولدينا في حائل مثالا قائما يدل على نجاعة هذا الأسلوب وهو ما حصل في الموقع المسمى (أرينبة) الواقعة بالقرب من (المعيقلات) عندما قام قبل سنتين تقريبا أعداد من المواطنين في حائل(عاطلين ومتقاعدين وموظفين) بإحياء هذا الموقع وقد تم إيصال التيار الكهربائي لمزارعهم وهي الآن قرية عامرة ، وقد كانت أرضا ميتة لا فائدة منها .
فما هو الضرر الذي لحق بالوطن أو بالمواطنين من إحياء هذا الموقع ؟! الجواب : بل بالعكس فلنقل : كم هي الفوائد التي عادت على هؤلاء المواطنين وعلى بلدهم بعد إحياء هذا الموقع ؟؟ ثم ما هي الفائدة التي عادت علينا كمواطنين أو على بلدنا من هدم المزارع التي قامت مثلا على طريق مريفق ـ سراء ؟؟! أو الكثير غيرها .

وأجدني هنا ، ربما بحاجة ، إلى التفصيل حول :

أولا : بعض الفوائد التي نجنيها من تنظيم الإحياء الشرعي وليس منعه .

ثانيا: تقديم اقتراح مبدأي لتنظيم عملية الإحياء الشرعي :

من الفوائد الممنوعة للإحياء الشرعي :

للإحياء الشرعي هنالك العديد من الفوائد النفسية والاجتماعية والاقتصادية والحضارية والطبوغرافية والديموغرافية ، وغيرها مما لا يمكن حصرها ، لذلك فإننا هنا فقط نحاول الإشارة إلى البعض منها:-

1- هنالك ثلاث فئات من الناس لديهم وقت فراغ كبير جدا وهؤلاء هم العاطلون (غير المرتبطين بعمل) والمتقاعدون ، والموظفون ، وهؤلاء لا يجدون لهم متنفسا ترويحيا ، لذلك نجدهم إما أن يضلوا في بيوتهم أمام الفضائيات أو الانترنت ، أو في الاستراحات وما أدراك ؟! وهكذا فكل هذا الوقت يقتل حاليا وبكل دم بارد ، وغالبا بوسائل سيئة للغاية وانعكاساتها جد قاتلة ، ألا يجدر بنا استثمار هذا الوقت إيجابيا ، بفتح باب الإحياء الشرعي مع تنظيمه ؟! والمعني هنا هم المسئولين لدينا !


2- إن الأمل بامتلاك الأرض لدى الشباب ، يؤدي إلى إشباع جانبا من غريزة (حب تملك الأرض في الوطن) ودورها المحوري في تعزيز اعتبار الذات والثقة بالنفس والاطمئنان المستقبلي لدى الشباب ، مما يؤدي إلى امتصاص الشحنات والمشاعر السلبية لديهم ، ويؤدي بالتالي إلى نوع من الرضا الذاتي والاجتماعي والمجتمعي ، مما ينعكس إيجابا على كل ما يعمل من أجله المسئولون و يأملون توافره لدى مواطنيهم ، حيث انتشار التواد والتراحم والتواصل والتعاون ، المشفوع بحب هذا الوطن مع قوة الانتماء إليه ، والولاء لولاة أمره المخلصين ، ولكل الهيئات والمؤسسات القائمة فيه ، وصيانة أمنه والعمل لرفعة شأنه ، .

3- شعور هؤلاء الناس بشيء من الانطلاق والانشراح بعد تحقق هذه الحاجة المكبوتة والتخفيف من حدة الضغوط النفسية واختفاء مظاهرها كالتذمر والضجر والتوتر والاكتئاب والشعور بالضيم والكبت والحرمان والكثير مما يشعر به الناس حاليا ، والذي نجده يتجلى سلبيا في العديد من الأعراض النفسية الفردية (التعويضية) مثل قتل الوقت بإدمان المخدرات ومتابعة القنوات الفضائية الضارة وسلبيات الانترنت ، هذا عدا الكثير من الأمراض النفسية مثل الاكتئاب والعزلة ومظاهر العدوانية المتزايدة بين شبابنا ، من اعتداء واغتصاب وضرب وقتل وغيرها.


4- إن إنشغال الشباب في زراعة الأرض قطعا سيؤدي إلى هجر التجمعات المشبوهة في الشقق والاستراحات ونحوها ، وبالتالي تكوين علاقات اجتماعية سليمة من خلال الانصراف نحو بعض الاهتمامات المشتركة مع الآخرين في الزراعة وتربية الحيوان والأعمال التطوعية ونحو ذلك ، كما يساعد في كسر العزلة التي يمكن اعتبارها كنوع من (الانتحار الاجتماعي ).الذي تطور إلى هجر الأهل في المدن والسكن في الكهوف والطلح وما شابه في البراري ، بعيدا عن كل الناس ، لماذا؟!

5- لقد ركزت خطط التنمية في بلادنا ، خلال العقود الماضية على تنمية المدن الرئيسية مما انعكس سلبيا عليها ، كما انعكس سلبيا على المناطق الريفية حيث خلت من سكانها لاسيما الشباب ، وقد كان الريف يفتقر إلى الخدمات الضرورية من تعليم وطرق واتصالات وغيرها ، أما اليوم وقد توفرت معظم الخدمات الضرورية فإن غالبية أهل الريف المهاجرين على المدن يرغبون في العودة إلى قراهم ، ولكن جانبا من المشكلة يتمثل في (لجنة التعديات) والحرمان من امتلاك أرض ، مع أن لعودتهم من الفوائد ما يطغى على الحصر ، وذلك في كل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية إضافة إلى معالجة بعض السلبيات الطبوغرافية والديموغرافية ، والحضارية ..الخ ، حيث إسهامها في إعادة توزيع السكان على مساحة أكبر ، وتخفيف تمركزهم الحاصل في المدن الرئيسية ، وبالتالي يخف الضغط على الخدمات فيها ، وتخف معدلات الجريمة وغيرها من الانحرافات والمظاهر السلبية ، فضلا عن أن مثل هذا الإجراء سوف يسهم من الناحية الأخرى في تنمية الريف ، ولو تم دعمه بإنشاء بعض المشروعات ، كأن تكون الأولوية في منح التراخيص لبعض المشروعات في الريف ، كما ترتفع معدلات التفاعل والحراك الاجتماعي (شبه المتصلب) ، واستعادة التوازن السكاني المفقود ، وقبل كل ذلك وبعده تنشيط مجال الإيكولوجيا الحيوية ، إلى غير ذلك من الجوانب والمجالات الكثيرة والخطيرة على كيان الدولة ككل .

6- وفي هكذا إجراء سوف يتحقق استثمار الوقت الضائع (المقتول) بالنسبة لغالبية العاطلين والمتقاعدين وكذلك وقت الفراغ بالنسبة للموظفين ، وذلك بما يعود بالفائدة عليهم وعلى البلد ، ففي منطقة حائل فإن مثل هذه المواقع والتي تقع غالبا جنوب المنطقة نجدها تقع ضمن منطقة الدرع العربي (ندرة الماء وملوحته) بحيث تكون مناسبة فقط لزراعة بسيطة (غير ذات جدوى استثمارية ) مثلا زراعة عدد محدود من شجيرات النخيل والزيتون والرمان ، ومساحة محدودة من البرسيم ، مع تربية 40 رأسا من الأغنام وبعض الطيور ، ولكنها برغم محدوديتها سوف تعود على أصحابها وعلى السوق المحلية بمردود إيجابي ، مثلا من البرسيم والأغنام والطيور وغيرها ، فهي قطعا ستوفر للعاطلين دخلا يغنيهم عن الفاقة للناس ، كما يعدل الموظفون والمتقاعدون مرتباتهم ولو فقط بقدر قيمة فاتورة الكهرباء . إلا أنه من الممكن تحسين مستواها الإنتاجي كما ونوعا ن مثلا من خلال إدخال وسائل تقنية حديثة في توفير الماء (الحد من الهدر والتبخر) وفي خفض نسبة الأملاح فيه (المعالجات التقنية) وفي خفض العمالة .

7- وقطعا فإن مثل ذلك سيحد من ظاهرة تكاثر حظائر الحيوانات بالقرب من المدن وعلى الطرق السريعة ، كما سيحد أو ينهي ظاهرة المخيمات والاستراحات المؤقتة كما في الثمامة قرب الرياض ، وغيرها ، ذلك عندما تمتصهم المزارع .

اقتراح تنظيم عملية الإحياء الشرعي :

إنما تكمن مشكلتنا هنا في القرارات المتطرفة ، أي بين إما : ترك الأبواب مشرعة لمختلف السلوكيات الفوضوية ، كما كان في السابق ، بحيث ينمو الاستيطان بصورة عشوائية ، ربما تكون مشوهة ، أو أن يأتي الحل في الاتجاه الآخر ، أي : سد الأبواب بالمنع التام لمصلحة ما ، بصرف النظر عن مراعاة المصالح الأخرى ، لاسيما ما يتسبب هنا في تذمر الناس وتنغيص حياتهم ، مع عدم ترك مساحة مناسبة لحرياتهم وتحقيق ذواتهم .
بينما المطلوب لا هذا ولا ذاك ، وإنما هو : التنظيم ، فلا نسد أبواب المصالح الحيوية للناس ، بقدر ما نجتهد في تنظيمها وإجرائها تعميما للخير، عندما يتم الإحياء الشرعي بشكل منظم ودون أي تعويق فقط بحسب شروط وقيود معينة وميسرة .

وهنا اقترح مبدئيا لتنظيم ذلك ما يأتي:-


1- إن جميع الأراضي البور تعد ملك للدولة ، حيث تم إلغاء الملكية القبلية بقرار سامي ، وعلى ذلك أرى : أنه لا يحق الاعتراض على أي شخص يرغب في الإحياء بدعوى ملكية قبلية .


2- أن لا توجد دعوى شخصية (غير كيدية) على الأرض المراد إحيائها ، وإذا وجدت يتم حسمها قضائيا لصالح احد الشخصين أو بالصلح فيما بينهما ، فلا يتم حرمان كلا الطرفين بتمويت الرض المتنازع عليها كما هو حاصل حاليا.


3- تحديد مسافة معينة عن المدن الرئيسية وعن القرى ، بحيث يتم الإحياء فيما بعد هذه المسافة .


4- تحديد مسافة معينة عن الطرق السريعة ومسافة مناسبة عن الطرق الزراعية وعن مجاري السيول والجبال أو خلافة من المصالح العامة .


5- تحديد مساحة معينة للأرض ، بما لا تزيد مثلا عن (100 دونم ) أو أقل أو أكثر كما يرى ذلك أصحاب الشأن . ولدينا الكثير من الشعبان المناسبة للزراعة والتي حاليا لا يوجد فيها غير الرمث والعوشز .

6- يتعهد صاحب الأرض بأنه لا يحق له الحصول على حجة استحكام (صك تملك) قبل مضي مدة معينة مثلا ( 10سنوات) أو أقل أو أكثر كما يراها المنظمون.


7- يتعهد صاحب الأرض بأنه لا يمانع ولا يطالب بتعويض فيما لو احتاجت المصلحة العامة لجزء من أرضه أو كلها في المدة التي لا يحق له الحصول فيها على وثيقة تملك شرعي .


8- اقترح أن يتم تصميم استمارة تفي بكل البنود السابقة أو غيرها مما يراه المسئولون ، بحيث يتم تعبئتها تحت إشراف أمير المركز الذي تقع الأرض ضمن نطاقه ، ويرفق بها نموذج المسح الفني وتقدم على مديرية الزراعة ليتم ضمها ضمن ملفات الإحياء الشرعي ، على أن يمنح صاحبها رخصة إحياء مبدأي.

9- كما اقترح أن يتم منح قرض مناسب لإحياء مثل هذه الأراضي بما يعود بالفائدة على أصحابها وعلى بلدانهم ، واقترح أن يركز القرض على ما يرفع إنتاجيتها مثل دعم أساليب تقنية مناسبة من أجل توفير الماء ، وخفض ملوحته ، وكذلك خفض عدد العمالة. مع تقنيات حديثة لتوطين بعض المزروعات المناسبة ، بحيث يمكن رفع إنتاجية منطقة الدرع العربي ، التي تمثل منطقة الاستيطان الحضري التاريخي في منطقة جبال شمر (منطقة حائل) وغالبية أهلها لا يحبذون الانتقال إلى الطرف الآخر من المنطقة ، وإنما يفضلون البقاء بالقرب من قراهم التاريخية ..


وفي الختام ، فإن ما تقدم عبارة عن عرض متواضع مقتضب ولكنه محاولة مخلصة لإثارة هذه القضية التي أراها تشغل بال الكثيرين منا ، برجاء مناقشة هذه القضية بموضوعية ، مع تناول فوائدها خاصة بالنسبة للعاطل وللموظف الذي قد لا يجد متنفسا له ولأولاده ، وكذلك المتقاعد الذي عاد إلى بلده ، ولا يريد حياة المدينة بشكل مستمر ، ولو أنه حاول أحياء أرض في مكان يحبه ، قام عليه أحد الحساد وما أكثرهم ، وفقط بمعروض صغير وإلى أقرب مركز ((فلان قام بالتعدي على الأرض كذا)) ومن الغد والبلدوزر يصول ويجول وربما ليس لدى هذا المسكين سوى ما صرفه على استصلاح هذه الأرض ، بعد أن استبشر وفرح بها أولاده ، فهل هذا من الإنصاف في شيء ؟! وهل هنالك فائدة قد تعود على المصلحة العامة من هدمها وإبقائها أرضا مواتا وحرمان هذا الشخص الذي ربما هو بأمس الحاجة إلى ريعها مهما كان محدودا ؟! .
إما إذا كانت المسالة تنظيمية فلنضع نظاما إجرائيا ميسرا لها ، فأين من ذلك كل من : مجلس الشورى ومجالس المناطق ، والهيئات العليا لتطويرها وأيضا المجالس البلدية بل وشيوخ القبائل وأمراء المراكز وغيرهم من الحريصين على مصلحة الوطن والمواطن ؟!.

والمهم ؛ هو أنتم أيها المسئولين ، الذين تستفيدون فقط من صلاحيات السلطة وتتنصلون عن مسئولياتها ، هدانا الله وهداكم للخير والإصلاح : أحسوا بواقع الناس وحلوها عاجلا ، لتيسروا بها على الناس ، الذين قطعا سوف تكسبوهم ، فكما يقال : إن الإنسان عبد الإحسان .
وأخيرا وليس آخرا ، أنتم أيها أصحاب الفضل ، من الأكاديميين والباحثين ، وطلاب الدراسات العليا ، لعلنا نجد لديكم بعض الاجتهادات المميزة ، في معالجة مثل هذه القضايا المحورية .

والله أعلم وهو المستعان

وتقبلوا تحياتي

كاتبه أخوكم / د.شائم الهمزاني
دكتوراه في علاقة الوعي بالواقع الاجتماعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود ـ الرياض
25/8/1430 هـ





هناك 3 تعليقات:

malk يقول...

صراحه جيت ع الجرح فكلامك واقعي ولاكن
من يسمع فأنا اريد ارض ابني عليها منزل في قريتي ولاكن لم استطع امتلاك الارض وذلك للشروط التي كما يقال (من عهد نوح)فهي قديمه جداً فأن نسبة الشباب الآن في المجتمع
60 بالمئة كما تقول الأحصأت . اي ان ولادتهم بعد التاريخ المطلوب للأحياء فكيف
يمتلك الشخص شيء قبل ولادة الشخص نفسه؟  

Nostalgia يقول...

دخلت المدونة صدفة وبجهل تام بصاحبها - لفتني الموضوع وضحكت لانه في بلدي اذا استملك الارض مستصلحها رح تصفى كلها بايد المحتل لانه بعد انقلاب الاحوال تحول هو بقدرة قادر للايد الحنونة على الارض - كان الله في العون
تحيتي لشخصك الكريم ايا كنت اخي

غير معرف يقول...

عسى ان ينفعنا هذا الموضوع ويصل الى ملك الانسانيه لي ثمان سنوات اطالب بحجه في مكان هجرته حتى الذئاب ولكن لا حياة لمن تنادي

بيع شتل أثل بلدي

يوجد لدينا في حائل شتل أثل بلدي بأسعار مناسبة ومقاسات من 2 وحتى 6 متر واتساب 0564025364